Tuesday, May 29, 2012

المقاطعة واجب لايتجزاء - محمود عبد الحكيم

المقاطعة واجب لايتجزاء ........محمود عبد الحكيم

المقاطعة واجب لايتجزاء
محمود عبد الحكيم

دعنا نمر في عُجاله على الأسباب المنطقيه و العلميه و البديهيه جداً للمقاطعه مثل : عدم وجود دستور و من ثم ينتج رئيس مجهول الصلاحيات و تصبح وعوده للشعب و خططه على غير أساس ، عدم سقوط النظام القديم و بالتالي العمل بمنطق (رئيس يغير نظام) و هو تهريج سياسي محض..فلو تذكرنا أننا (ثوريين) و راجعنا مفهوم (النظام السياسي) أصلاً سندرك انه لا رئيس يأتي ليستقر على قواعد نظام قائم فيشرع في هدمها!! كيف وهو على رأسها أصلاً؟و كيف نطمح في تغيير (جذري) من الأعلى لا من الأسفل؟! مما سيعيدنا إلى نقطة الصفر و هي أن ما حدث لم يتجاوز الانقلاب العسكري بهدف الحفاظ على النظام قائماً مع إعادة بناء رؤوس جديده على نفس القواعد و السياسات.. نعلم جميعاً أن هذا الشعب هو الذي فقدت أغلبيته الثقه في الثوار أصلاً! و بلغ به الأمر أحياناً أن فقد الثقه في الثوره نفسها و كان ذلك سبباً أساسياً في ذهابه إلى صناديق الانتخاب..فخلال العام و نصف العام أدركنا بما لا يدع مجالاً للشك أن الغالبيه العظمى من المصريين سيشاركون في انتخابات الرئاسه ل(كلفتة) استقرار بأي ثمن و لعل نتائج الجوله الأولى تخبرنا بذلك..و تخبرنا أيضاً ان التيارات الأكثر نفوذاً و قوةً على الأرض هي التيارات الدينيه غير الثوريه المتحالفه مع السلطه من جانب و التي أصبحت جزئاً من النظام الذي لم يسقط بحيازتها لأغلبية البرلمان..و تيار (الدوله العميقه) الذي يعبر عن النظام الحالي مدعوماً من جهاز الأمن القومي السلطوي و قواعد الحزب الوطني المنحل شكلياً و القائم واقعياً كسياسات و قوه و نفوذ على الأرض ..

دعنا نقول ان خطة المجلس العسكري قد اكتملت و لا سبيل لتعطيلها بعد أخطاء قاتله ارتكبها الثوار و تحالفات مُحكمه أقامها النظام - الذي لم يسقط – مع التيارات الاسلاميه المتواجد الأقوى سياسياً على الأرض..دعنا ننفذ إلى أصل الأزمه و جوهرها و هو استمرار النظام و بقاءه و نحدد مهام عملنا كثوريين نسعى لتغيير النظام كاملاً و ليس لوضع رئيس – أياً من كان – على رأسه و نحمله مسؤولية تغييره! لقد بات واضحاً أن الوطن على مشارف نموذج من اثنين :

النموذج الباكستاني: السلطه التنفيذيه مناصفةً بين رئيس عسكري من ناحيه،و حكومه و برلمان ذوي أغلبيه اسلاميه ذات نفوذ قوي في الشارع..استناداً على بُعد طائفي،و تظل المؤسسه عسكريه محتفظه بكامل سلطاتها و امتيازاتها الضخمه و مالكه لزمام السلطه الحقيقيه بقوة السلاح و الهيمنه على الاقتصاد.

-
النموذج الديني المُتخفي: قائم على التلفيق (مدنيه بمرجعيه اسلاميه)،حيث يوجد رئيس اسلامي يعطي فرصه هامشيه للتيارات المدنيه الانتهازيه في تولي مناصب عليا في الدوله (كنائب الرئيس و رئاسة الوزراء) و حكومه ائتلافيه مع تلك التيارات مع ضمان الأغلبيه فيها للاسلاميين،و برلمان بأغلبيه اسلاميه أيضاً يحتوى الصراع الاصلاحي المرير الذي ستخوضه القوى المدنيه لمنع تحول (التشريع) و هو من مهام البرلمان إلى اداه في يد التيار الديني،و تظل المؤسسه العسكريه على نفس الحال المذكور في النموذج السابق. و ستستمر قوة التيار الديني في الشارع مدعومةً من الرئيس،و قائمه على استثمار المعاناه الاقتصاديه لأغلب الشعب من خلال شراء أصواتها بشكل غير مباشر،و تتغذى على الطائفيه و التعبئه الدينيه بشكل عاطفي/عقلاني مزيف.

و الآن تستمر المأساه عندما تخرج كتله مدنيه باقتراح التصويت لمرشح الاخوان المسلمين على اعتبار أنه (أفضل) من مرشح الدوله العميقه!و على هؤلاء أن يعلموا جيداً ان التيار الديني قد أصبح جزئاً من النظام الحالي بمجرد وصوله لأغلبية البرلمان،ذلك ان النظام لم يسقط أصلاً منذ 25 يناير و حتى هذه اللحظه و من ثم فان رئيس حزب (الأغلبيه) هو بالتأكيد أحد رؤوس النظام التي تتنافس مع آخر رئيس وزراء لمبارك و هو أحد الرؤوس الأقدم للنظام،إنه صراع وهمي بين جناحين داخل نفس النظام : جناح جديد له ركائز قويه في الشارع و استطاع الهيمنه على السلطه التشريعيه و تقديم نفسه كبديل لنظام مبارك الذي لم يزل قائماً ، و جناح قديم يعيد انتاج نظام مبارك بالفعل بالتعاون غير المباشر مع الجناح الجديد سالف الذكر.و قد تمثل لنا ذلك التعاون في مواقف جماعة الاخوان و حزبها طوال عام و نصف العام: الاصرار على انتخابات تسبق وضع الدستور(يعني تفضيل بقاء النظام مع تغيير جزئي على حساب محاولة وضع أساس جديد يمكن الاحتكام له و البناء عليه)..التقدم بقانون لمنع التظاهر..الانحياز للمجلس العسكري بالفعل و تبرير جرائمه مع (انتقاده) قولاً فقط..الوقوف ضد احتجاجات العمال و الموظفين و المهنيين بدعوى الفئويه..تقديم قانون كارثي للحريات النقابيه يبقي على ضعف المؤسسات التي يفترض لها التعبير عن مصالح و حقوق أغلبية الشعب المنتجه.

ان قبول مرشح الاخوان يتعارض أصلاً مع رفض مرشح الدوله لأنه لا تعارض بين كلا المشروعين السياسيين بمنتهى البساطه!و لا تناقض حقيقي بينهما سوى ان جماعة الاخوان لها (تاريخ نضالي) ضد نفس النظام لا يمتلكه المرشح الآخر،ولكن ما يهمنا حقاً هو: ماذا فعلت الجماعه لتقويض دعائم هذا النظام الذي ادعت كذباً المطالبه باسقاطه بينما هرعت لتلتحق به على أرض الواقع؟!و كيف نقنع أنفسنا أو نقنع الشعب ان رئيس حزب الأغلبيه (الجديده) التي حازت سلطه (التشريعيه)من 3 سلطات مكونه للنظام(التنفيذيه و القضائيه و التشريعيه) سيقوم بانتاج نظام(جديد)على نفس قواعد النظام القائم؟و كيف يتم ذلك مع برنامج سياسي اقتصادي لا يختلف في جوهره مع برنامج الحزب الوطني؟

إننا ندعو التيارات المدنيه صاحبة دعوى انتخاب مرشح الاخوان بالرجوع عن ذلك التلفيق،و نناشدهم أن يسموا الامور بمسمياتها و يكونوا أكثر واقعيه و اتساقاً مع مبادئهم،و أن يدركوا ان جماعة الاخوان – وعلى ذلك ألف دليللها مشروع واحد لصالحها و هو التغلغل أكثر و أكثر في بنية السلطه دون أن تمتلك مشروعاً حقيقياً لاسقاط النظام او نهضة الوطن،لن نقف في صف قوه غير وطنيه و غير ديموقراطيه تحت زعم ان الخيار الثاني أسوأ!فكلا الخيارين مرفوض طالما استمر نظام القهر و الفساد و الاحتكار و القمع و طالما استمر مجلس منفذي السياسه الأمريكيه(المجلس العسكري) في السيطره على الوطن بكل مقدراته و مفاصله و ثرواته بالتنسيق مع كبار ملاك الثروه و مع من يستطيع الصعود على أكتاف الجماهير ليأخذ جزئاً من السلطه بدلاً من أن يخوض النضال مع الجماهير لانتزاعها لصالحهم. و ليكن شعارنا ان المقاطعه واجب أخلاقي و سياسي و لنجعل العالم يسمعنا نقول بوضوح مقوله لا تتجزأ و لا يمكن المساومه فيها :

يسقط حكم العسكر / يسقط حكم المرشد
محمود عبد الحكيم

No comments:

Post a Comment