Monday, December 31, 2012

الوعي الاجتماعي بمنظور ماركسي


الوعي الاجتماعي بمنظور ماركسي
الوعي الاجتماعي بمنظور ماركسي

عندما كان ماركس يعد مادة كتابه (مساهمة في الاقتصاد السياسي)، هذه المواد الدسمة التي استخدمها فيما بعد في كتاب (رأس المال)، درس كتاب (علم الجمال) لفيشيه وأخذ منه مقتبسات كثيرة، وفي هذه الآونة كتب بحثه المعروف عن الفن الإغريقي وتساءل؛ أكان أخيل يمكن أن يوجد مع وجود البارود والرصاص أو عموماً، هل كان من الممكن ألا توجد الإلياذة مع وجود الطباعة وآلات الطباعة؟ وبالضرورة، تتلاشى الأغاني والأساطير وبنات الحي أمام قضبان المطابع، ومن ثم تختفي كذلك الظروف التي أوجبت ظهور الشعر الملحمي، وبحث ماركس في وجه الشبه بين التناقض الكامن في علم الحجال، وبين التناقض الكامن في العالم المسيحي، ويقصد به العالم الرأسمالي، وهو (نقيض الهدف) الذي أثاره هيجل من قبل، وحلل ماركس (الصفة الغربية التي للسلعة) و(الطلاسم التي ترتبط بمنتجات العمل بمجرد أن تظهر برصفها سلعاً، طلاسم لا تنفصل عن هذا الطراز من الإنتاج).
إذن أي فكرة استقى ماركس وإنجلز من التطور العام للفنون في عصرها؟ لقد كتب أن لكل فرد متعته وواجبه وهو يعني بذلك أن المجتمع القديم سمح بإيجاد توازن معين بين قطاعات الاقتصاد التجاري المتنوعة ونشط إيجاد السلع النافعة، فسبّب ذل تحسين حالة المنتجات والمنتجين، وأفاد الفنون التناقض الضخم في المجتمع الإغريقي بين العبد والحر، بين البروليتاريا والبورجوازية.
لولا نظام الرق لما وجدت الدول الإغريقية، ولما وجدت علومهم وفنونهم، وحيث أن العمل البشري كان كذلك قليل الإنتاج للغاية، بحيث لم يكن الإنتاج يتجاوز حد إشباع ضرورات الحياة، فإن تكاثر القوى المنتجة واتساع حركة الانتقال، وتطور نظام الدولة والشرع، وخلق الفن والعلم، لم يكن من الممكن أن يوجد إلا بفضل التقسيم الشديد للعمل، الذي كان لابد من قيامه ليؤسس لقيام تقسيم أكبر، للعمل بين الطبقات المهيأة للعمل اليدوي البسيط وبين القلة من المحظوظين الموكل إليهم إدارة العمل والإنتاج وشئون الدولة والمهن الفنية والعلمية بعدها. لقد خلقت البرجوازية عجائب أخرى غير أهرامات الجيزة، إن الأعمال الفكرية لأمة من الأمم تصبح الملكية المشاعة للجميع، وتصبح العزلة القومية وضيق الأفق الفكري أكثر استحالة يوماً بعد يوم، ومن تضاعف الآداب القومية والمحلية يولد أدب عالمي. وخلقت الرأسمالية بتجميعها للعمال وتركيزها للإنتاج، ظروفاً تحتم سقوطها وتمهد للاشتراكية، فعندما تستولي ثورة اجتماعية عظيمة على ما حققه العهد البرجوازي من فتوحات السوق العالمية وقوى الإنتاج الحديث، وتخضعه للطبقات الأكثر تقدماً، عندئذ فقط يتوقف التقدم الإنساني عن استعادة ذكرى الآلهة الكريهة التي كانت تتناول طعامها في جماجم ضحاياها. فهل خلقت العبودية حضارة الإغريق؟ وهل خلق قمع الإقطاع الترتيبي العادل؟ العقد الجدلي بنظرية سلب السلبي يستطيع أن يفكر بسهولة في هذه البديهيات ما قالت الجمعيات الأخوية العتيقة في حكمتها الموجزة: النظام من الفوضى!
( كارل ماركس ) هو الوقفة الثالثة في تاريخ الفكر العالمي بعد أفلاطون وهيجل! هذا هو رأي ( سارتر ) فهو يرى أن الماركسية هي فلسفة المرحلة المعاصرة وستظل كذلك طالما أن الظروف الموضوعية التي أوجدتها قائمة، وأننا لا نجد في هذه المرحلة فلسفات نظرية تستحق الاهتمام مثلما تستحق الفلسفة الماركسية والأيديولوجية الوجودية، ويفرق سارتر بين الاثنين بقوله إن الماركسية هي الفلسفة الحقيقية ولكن الوجودية مجرد أيديولوجية، والماركسية فلسفة كونية ولكن الوجودية تحفل بإبراز ومناقشة جوانب كونية معينة دون سواها، ولكن يعيب الماركسية أن أصحابها أوقفوها عند حدودها الأولى وألغوا الاجتهاد وجعلوها فلسفة نصية يتهددها الجمود والأرثوذكسية، ويدعو إلى تلقيح الماركسية بالوجودية وبمعاني الحرية الفردية، فهكذا تتفتح الماركسية على آفاق أرحب وتتسع مجالاتها وتنطلق على طريق مفتوح ودرب لا ينتهي.
يرى ماركس أن الفكر الفلسفي هو أداه للتغيير الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وفهم قوانين التطور التاريخي، وأرسى قواعد المادية الجدلية وهي النظرية التي تُقرر بأن المادة هي كل الوجود وأم مظاهر الوجود على اختلافها نتيجة تطور متصل للقوى المادية، وأن ما هو عقلي يتطور عما هو مادي ولابد أن يفسر على أساس طبيعي. هنا ينبغي أن نذكر تعريف المادة حسب ما جاء في مقدمة كتاب النظرية المادية في المعرفة لجارودي الذي كتبه للتدليل على عدم وجود سبيل ثالث للنجاة من هذه المشكلة الجدلية المحدودة بوجهتين وهي مشكلة المثالية والمادية؛ فيؤكد أن ظاهرات الكون هي مختلف وجوه المادة التي هي في حركة؛ إذ أن المادة هي ما يوجد خارج ذهني، وخارج كل ذهن، وليس بحاجة إلى أي ذهن كي يوجد، ويترتب على هذا أن المادة هي الحقيقة الواقعية الأولى التي ليست أحاسيسنا وليس فكرنا إلا نتاجاً لها وانعكاساً عنها، وأن العالم وقوانينه يمكن النفوذ إليها بكاملها من قِبل المعرفة التي تراجعها التجربة والنشاط العملي ويتثبتان من صحتها، والمادة في الفكر الماركسي هي جوهر العالم، وهي مستقلة، ووجودها سابق على فكرتها، وما الفكر إلا انعكاس لما يقع خارجه في العالم المادي الطبيعي وفي الحياة الاقتصادية والمجتمع والسياسة، وأكّد أن الأشياء والأفكار تتفاعل معاً في حركة جدلية، إلا أن الأشياء المادية السابقة على وجود أفكارنا عنها تتصارع دائماً مع الأشياء الموجودة أمامنا في نظام تطور مستمر.
كف علم الطبيعة عن دراسة الأشياء والوقائع منفصلة عن بعضها البعض وتحوّل إلى علم نظري يسعى إلى تفسير هذه الوقائع، وإيجاد الصلة بينها على أساس مادي، جدير بالذكر هذا وجود نظريات هامة كبقاء الطاقة وتحولها والتركيب الخلوي للكائن الحي والتطور عن داروين، وهكذا تشكلت نظرية المادية الجدلية عند ماركس، فكل شيء طبيعي وكل ظاهرة تشمل طرفي تضاد، ولا يمكن أن يظل هذان الطرفان في سلام؛ فمن المحكم أن ينشأ بينهما صراع لا يقضي على وحدة الشيء أو الظاهر، بل يفضي إلى تغلب الطرف المعبر عن التقدم على الطرف الآخر فيحدث التحول، وهكذا يحدث التطور، وكل شيء فيه تضاد: حرارة وبرودة، حياة وموت، أنانية وإنكار ذات. ويحدث التحول عندما يتغلب طرف على آخر دون القضاء على وحدة الشيء، فيغدو الأمر أكثر تعقيداً عند تطبيقه على المجتمع والسياسة، فالمجتمع الرأسمالي يشمل البرجوازية والبروليتاريا، وكلاً من الطبقتين تفترض وجود الطبقة الأخرى على الرغم من تضاد أهدافهما! كلاهما يصارع الآخر، العامل الفقير يكافح في حنق الموظف الأنيق المتغطرس والأخير يرى الأول عبداً ! ولكن كلاهما يحافظان على وحدة المجتمع الرأسمالي.
ثم أوضح ماركسي قانون الانتقال من التغير الكمي إلى التغير الكيفي، موضحاً كيف يسير التطور، فالتغير الكمي يحدث من ناحية المقدار أما الكيفي فمن ناحية الصفات. وعندما تتراكم التغيرات الكمية وتتزايد يتم التغير الكيفي، فعندما تختفي الملكية الرأسمالية سوف يحل النظام الاشتراكي، وبينما يحدث التغير من الرأسمالية إلى الاشتراكية إلى الشيوعية يحدث تغيير بطيء مستمر.
قانون آخر مهم هو قانون سلب السلبي الذي يكشف عن الاتجاه العام للتطور في العالم المادي، حيث أن تاريخ العالم الإنساني يتكون من حلقات نفي أو سلب النظم الحديثة للنظم القديمة البالية، إذ قضى مجتمع الرقيق على الشيوعية البدائية، وقضى الإقطاع على مجتمع الرق، وقضت الرأسمالية على الإقطاع، وقضت الاشتراكية على الرأسمالية، وكل نظام يضم ضمن مكوناته مبادئ معينة، ولا يعني السلب أو الجديد ينسج القديم كله، بل يستبقى أفضل ما فيه ويدمجه في الجديد ثم يرفعه إلى أعلى.
ولا تؤمن المادية الجدلية بالغيبيات، فهي لا تناقش إلا المحسوس والملموس، وترى أن كل ما في الوجود يضم عناصر متناقضة متصارعة وهذا الصراع بين الشيء ونقيضه ينشأ عنه شيء أرقى في الدرجة ( سلب السلب ).
ومبادئ المادية الجدلية باختصار هي: التعبير عن الصراع الطبقي، والمصالحة المادية التاريخية، وأنه ليس المهم فهم العالم، وإنما العمل على تغييره فوراً. المادة تغير الوجود وتفسر التاريخ وتوجه العالم. التاريخ عبارة عن صراع بين الطبقات نتيجة عوامل اقتصادية. الاقتصاد وعوامل الإنتاج هما أساس كل ظاهرة اجتماعية. الدعوة لتغيير العالم لصالح الكادحين وتحرير البروليتاريا ورفض الميتافيزيقا. وتفسير الأحداث والتاريخ تبعاً لنظام الملكية، ومحاربة الأديان واعتبار الدين أفيون الشعوب لتخديرها وخدمة الرأسمالية والإمبريالية الاستعمارية. الإيمان بأزلية المادة وأن العوامل الاقتصادية هي المحرك الأول للأفراد والجماعات. الأخلاق نسبية وهي انعكاس لآلة الإنتاج. القضاء على الاستغلال الفردي وسحق، والفكر المركسي هو عملية متكاملة وشاملة لجوانب ثقافية واقتصادية واجتماعية يقوم بها المجتمع من أجل رفاهية الشعب كله وفق خطة تتفق وفلسفة المجتمع الماركسي وأساس التربية الاشتراكية هو ربط التعليم بالعمل الإنتاجي الصناعي الحديث والممارسة الفعلية العملية العلمية، وهي تربية مستمرة تسيطر عليها الدولة وتوجهها كما تريد لخلق أجيال تدين بمبادئ الشيوعية وتعمل على الزود عنها.
وتقدم التربية الماركسية على التعليم الإلزامي الجماعي الموحد لجميع المواطنين، ومساواة الجنسين والأجناس والقوميات المختلفة في فرص التعليم، وأن التعليم وظيفة الدولة ولا يحق لأي فئة أو منظمة أو جمعية غير رسمية أو فرد أن يؤسس إدارة تعليمية. التربية الماركسية مخطط لها اقتصادياً، واجتماعياً بشمولية ومرونة علمية ديمقراطية والتربية في المجتمعات الاشتراكية الماركسية مستمرة، وللجميع، وتؤكد على قيمة الإنسان وأهميته وذكاؤه وقدرته على إنتاج وكفاءته، وتعتبر المؤسسة هي الأم وترتبط بالحياة الاجتماعية ارتباطاً محكماً وعادلاً. ويجب تربية الأجيال تربية اشتراكية تشمل أيديولوجية معينة نابعة من المعتقدات الخاصة بالمجموع وينبغي الاهتمام بالتنمية الشاملة وبالعلوم والتكنولوجيا التي تكرس لخدمة الشعب بشكل عام. ويجب محو أثر الأديان من كافة المدارس وتدرس بدلاً منها المادية الجدلية ومبدأ اللا طبقية بين التلاميذ.
على الملم أن يكون مؤمناً بالفلسفة الاشتراكية وأن يكون متفهماً للمبادئ الماركسية وتطبيقها في المجال الدراسي ( لا صوت يعلو فوق صوت المعركة !! ) والغرض هو الوصول إلى رفاهية المجتمع. ويجب أن يكون المعلم مثقفاً محباً للعلوم كافة وأن يقف في طليعة العناصر الوطنية الشاعرة بمسؤولياتها نحو المجتمع.
أما التلميذ فينبغي عليه أن يحترم أستاذه ( ولا يخالفه ) وأن يلتزم بتعاليم الاشتراكية والعادات الماركسية، وأن يحب العلم والبحث وأن يكون ملماً بحقوقه وواجباته وأن يشارك في طرح وجهات النظر، كما أن له الحق في تنظيم حياته الاجتماعية واختيار القيادات التي يرتاح لها.
وأسلوب التدريس يجب أن يكون بشكل جماعي لتحقيق مشاركة أوسع من كل التلاميذ، فيكون الكل كأسرة مدرسية لا تعليم فردي يورث للأطفال حب الأنانية والمنافسة. ويجب التأكيد على الجوانب العلمية التطبيقية وتوفير المختبرات المعملية وتشجيع الطلاب على التجريب واكتساب مهارات تقنية وأن يعتادوا العمل وحب الحركة؛ فالتدريس داخل جدران الفصول منبوذ. يجب أن يعرف الطالب أنه لكي يعيش لابد أن ينتج، ولكي ينتج يجب أن يتعاون مع الرفاق وأن يكتسب معهم وبهم ولهم وفيهم ومنهم خبرات عملية لا إشراف من وراء زجاج المكتب. فالإنسان بيده اكتشف النار واخترع العجلة والمنظار ورأى به أبعد النجوم وأدق الميكروبات. هذه الأدوات لسخرة العلم والحياة، ليست حكراً على أحد ولا لخدمة فرد دون غيره مهما بلغ من تفرّد.
أُطلقت الماركسية على أعمال كلا من ماركس وإنجلز وأهمها البيان الشيوعي الصادر في 1848 ونقد الاقتصاد السياسي الذي وضع أساس نظرية فائض القيمة، والكتاب الذي تأخر نشره عن الأيديولوجية الألمانية، وكتاب رأس المال الذي صدر في ثلاثة أجزاء، وكتاب إنجلز، الرد على دورينج، وبحثه عن فيورباخ، ثم كتب بؤس الفلسفة ( الذي يرد فيه ماركس على فلسفة البؤس لبرودون)، جدير بالذكر ما أضافه لينين لهذه النظرية ما جعلها توصف بالماركسية كيفية تحقيق العدل في المجتمع الإنساني وليس كقيمة أخلاقية مجردة وشرح المفكرون الأوجه العديدة للماركسية، وكاد يوهن في الشيوعية بين النظرية والتطبيق، الوجه الأول للماركسية يتمثل في نظرية المادية الجدلية بخلع صفات الفكرة المطلقة عند هيجل على المادة التي لا شيء غيرها في الوجود وهي أساس الأفكار والمبادئ، وتتطور طبقاً لقوانين الجدل ( الديالكتيك ) ومنها قانون الارتباط ( الجوانب المختلفة للطبيعة تترابط بعمق معاً، فلظاهر المتعددة غير منفصلة في المصدر ) وقانون التحول ( الكم يصير كيفياً فلا تبقى الظواهر كما هي بل هي في حالة تغير مستمر ) وقانون وحدة المتناقضات ( الأضداد متحدة، (س) تحتوي دائماً على (لا - س)، والطريق إلى الغرب، يؤدي أيضاً إلى الشرق، وعليه فإن تبدل الشيء من النقيض إلى النقيض لم يطرأ عليه بفعل عوامل خارجية وإنما كجزء من طبيعة الشيء ذاته ) وقانون سلب السلب ( نفي النفي مزيج مركب من مرحلتي الإثبات والنفي، أي أن الانتقال من النقيض إلى النقيض – من الإثبات إلى النفي – يجعل هذا النقيض في حد ذاته يعد وضعاً جديداً ينتقل بدوره إلى نقيضه أي إلى نفي النفي، عندما يتبدل الحب إلى كراهية ( لا حب )، هذه الحالة تنتقل إلى ( لا – لا حب ) ).
والمادية الجدلية بمثابة منهج شامل لأنصارها لتفسير حركة الطبيعة والحياة، وتأتي نظرية المادية التاريخية كتطبيق لهذا المنهج على التاريخ الذي ما هو إلا – في الفكر الماركسي – حركة جدلية محتومة بفعل تناقضات البشر وصراع الطبقات، فالحادث التاريخي الأول هو صنع أداة إنتاج مما يحتم تعاون البشر معاً ومع الطبيعة ومع الخبرة، فتنشأ ( علاقات إنتاج ) بين البشر تتطور إلى علاقات اجتماعية، ففي فجر التاريخ كانت مهارات الإنتاج هي صنع شرارة وسهم ومقاعد حجرية، ولما كانت القدرات الإنتاجية ضعيفة أمام قوى الطبيعة لم يسمح بوجود فائض للاستهلاك وبالطبع عدم وجود ملكية فردية، وبالتالي شاعت ملكية الأشياء ونعمت البشرية بغياب التمييز الطبقي، وبسبب عجز الإنسان أمام الطبيعة، ابتكر الأسطورة ليفسر ظواهرها.
لكنه فيما بعد تطور وعرف المعادن والآلات والزراعة وتربية الحيوان وظهر الفائض الإنتاجي أوجب الملكية الخاصة لطبقة تتكاسل عن العمل فانتقل المجتمع من الشيوعية البدائية إلى العبودية ونشأت تبعاً لذلك أخلاقيات جديدة منها وجوب احترام السيد وصاحب الأرض والدار، وظهور نظام الحريم فالذي يملك المرأة أوجب عليها صفة العفة وطالبها أن تخلص له إخلاصاً يبرر له أن يورث ثروته المتجمعة إلى أبناء تزعم له أنهم أبناؤه ! وظهرت مسائل الأفضلية والتنافس والنبذ، ومع المزيد من التقدم، تعقدت الآلات، وأصبح العالم أكثر ذوقاً وابتكاراً وامتلاكاً للمبادأة الفردية، هذه الخصال التي لا تتواءم مع نظام الرق الذي تحول إلى الإقطاع الذي تحول فيه العبد إلى اختصاصي أو فني، وهكذا مع كل تطور مستمر تتبدل العلاقات الاجتماعية حتى تركزت الملكية في أيدي القلة بالمجتمع الرأسمالي، لكن الأغلبية من الجماهير العاملة !
في الجزء الأول من رأس المال افترض ماركس ثبات التركيب البنيوي لرأس المال وهو النسبة بين رأس المال الثابت ( الأدوات – المصنع – المحل ) ورأس المال الكلي ( رأس المال الثابت زائد أجور العمال كرأس مال متغير )، هذا التركيب الذي يظل ثابتاً في السلع المتبادلة، هذه الفرضية التي أوقعت ماركس في العديد من الأخطاء حسب رأي الأستاذة جون روبلسون في مقالها عن علم الاقتصاد الماركسي، لهذا عرض نظريته في القيمة بالجزء الثالث في ظل فروض مختلفة ( الأمر الذي كان بمثابة حجر زاوية لكل نقد للماركسية ).
في علم الاقتصاد، يفرق بيم معنيين لفائض القيمة، فالقيمة ( الاستعلامية ) هي مدى قدرة سلعة معينة على إشباع حاجات المستهلك، والقيمة التبادلية وهي كمية ما يقبله المرء من سلعة معينة في مقابل وحدة محددة من سلعة أخرى، والقيمتان مرتبطتان معاً. وتساءل ماركسي في الجزء الأول من رأس المال: ما الذي يجعل كمية معينة من القمح مثلاً قابلة للتبادل بكمية معينة من سلعة أخرى وبكمية أخرى من سلعة ثالثة، وبأي حق نصف الكميتين المتبادلين بأنهما متساويتان؟ من الضروري أن يكون بينهما عنصر مشترك لا يكون خاصية مادية أو هندسية ولا يكون خاصية استعمالية، إذاً فلا يوجد عامل مشترك سوى ( قيمة ) العمل المبذول في إنتاج كل سلعة وهو متوسط كمية العمل اللازمة اجتماعياً لإنتاج وحدة معينة من السلعة، فإذا كانت هذه القيمة للعمل المبذول في إنتاج جهاز كهربي أكبر من القيمة المبذولة لإنتاج إردب من القمح لزم أن يساوي الجهاز أكثر من إردب من القمح. والأمر بسيط في حالة الحرفي أو العامل الخاص الذي هو نفسه رب العمل، فالخطاط يبتاع أدواته من ورق وحبر وقماش ويبيع وحداته مقدراً فارق يساوي الجهد الذي بذله في رسم لوحة. أما في النظام الرأسمالي لا يعمل العامل لحساب نفسه وإنما لصالح صاحب المصنع أو الورشة الذي يبتاع المواد الأولية ومجهود العامل فيحصل على كمية من النقود أكبر من التي ابتاع بها المواد إضافة إلى ما دفعه للعامل، فما هو مصدر تلك الزيادة؟ هل تلد النقود نقداً ؟! هل تخلق الآلة السلعة من العدم؟ إذاً فالعمل هو وحده الذي جعل من جوال القطن ومن الماكينة قماشاً، وهو الذي جعل للسلعة المنتجة قيمة تزيد عن ما أنفق في أدوات صنعها؛ إذن فالعامل يحصل على أقل من حقه بكثير، ما دام الرأسمالي يحقق كسباً من عدم، فكيف يتحدد جهده ليحسب حقه؟ يمكن حساب مقدار العمل اللازم لإنتاج سلعة ما بعدد الساعات اللازمة لإنتاج الحد الأدنى من المجموعة الأساسية من السلع والخدمات، بينما كان ينبغي أن يحصل على ما يساوي بالضبط قيمة عمله وهي الفارق بين ما تم دفعه في الأدوات وبين ثمن بيع السلعة: هذا هو المقصود بفائض القيمة والذي يحصل عليه الرأسمالي؛ ولا يحصل العامل إلا ما يكفي غذاؤه وملبسه، والقيمة التي يكسبها الرأسمالي فوق القيمة المناسبة للفرق بين الأدوات والسلعة الناتجة هي قيمة استغلاله للعامل.



Sunday, December 30, 2012

علقت كل الأحمر

من ديوان : علقت كل الأحمر
لــ : خالد جابر




أوراق  من درج بورخيس

                                                        تداعي للمجهول

ولما انتشرت الدوشه
من فرط الزحام
                       تهنا.
........
ماتيجي نموت
ونتقابل نكمل كل مواضيعنا
..هناك
لكن تفتكر
هيسبنا نشرب فنجانين قهوه
ونتكلم 
تفتكر نقدر نموت أصلا !؟
مليت لوحدي هناك من طول انتظارك
وبفكر ابعتلك رساله!.


                        رسائل لها

.1.
جميل الاشتياق فعلاً
وعارف ..
إنك لسّه مشتاقه
بتسقي ورودي ف السموات
وبتعدي المكان لوداع يليق بينا
(ودعا أدم اسم امراءته حواء لأنها أم كل شئ حي).
لذا أبدا مبنكرش
وجودك فيا ف المطلق
.2.

في السوق
مشاعرنا
 مشاع
 سوء زي رواد المكان.. 
من غير ملامح
(يعني إيه كل اما اضمك
 ألقي المطر  خايف يقرب
يعني  إيه كل اما يرجع  جزء مني
 جزء تاني ليكي  يهرب )
ملقتش باب فاضي
أنسق فيه الغنائيه
حتي الأغاني
ف المكان ده بدون
ملامح .
الفرق كان  في الصوت
وكان للبحر صوت
مع زرقة التروماي
وكان لهذا المكان صوت
 مع ترامه الرتيبه
بيقتل أي صوت .

.3.

إعتدت اعبي التاريخ
ف أزايز البيره
اكتب لكل الناس
عنواني ع الحيطه
الورقه
التربيزات
يمكن تكوني ف إيد
شخص التقي العنوان
فنتقابل ..
صدفةً طال انتظارها .
بتطول مسافة البعد كل ما نقترب
بتكتبي اسمي للمكفوفين
وبتستهجي كام ذكرى ما بينا
لكل طلابك ضعاف السمع .
وانا ..
أوزع جرحي  تكشيره
تسد نفس  زباين القهوه
معرفش غير الهم..
الرغي السياسي.
بروح 
أعبي ذكري يوم عدي
وأسأل أي تفصيله
تنام جمبي

.4.


أما بعد المعتاد
إتعرفي عليها 
هي الشريكه الجديده
انتى  المسمي اللي اختلفنا عليه.

               رسالة وحيدة منها


دلوقتي تقدر تكتشف
شخصية الحلم اللي فكر يوم يجيلك
بس واجه ألف حاجه مانعه عينك
هل حقيقي
إنك انت الخوف ف نظرات المرايا ناحيتك
الضلمة.....القعده وحدك....الحقيقه ..!  .
لسه نفس الدايره موجوده
ترسم فراغك فيها وتمدد
تكتشف انك..
نقط
وان الصراع الداير بين محاولة فهمك الواقع ونومك
خلاك مجرد ضل .

                                   ارهاصات "القرين"

بيحب  زيي  أدوات الكتابه
وبيعشق حنه مينه
هذا الملاك الاخير
المعاد اللي دايما بخلفه
رسولي لبقية البشر
أو نفس تالته غير انا وانت .

                     من هامش الأوراق


الكفر اسهل  م الايمان .

وكان  للرب  في ذلك رؤي اخري.

هيعدي  هذا الوقت
بالطول المناسب لاي  عارض هم
هتتخلي عن الذاتيه المفرطه
وهتاخد الاسباب  ف جيبك
وتنطلق وحدك .
 
يا ايتها الشمس  المطمئنه 
انا ليل طويل ف ماليش
نصيب فيكي .

سلامُ علي دميتي الحمراء
اللي  عارفه كل شئ
عني .


.فاصل


خد كل شئ واديني وعد الرجوع
الموت اقامة صلاه ....
اجباري فيها الخشوع!
والدمع عامل مشترك بين الجراح
والبوح
وفراقك انت الم
زي انتزاع الروح  .

عامل مشترك

بيني وبينك حاجات ما تجوزش غير لينا
فجأة بقينا مشاع للناس نصيب فينا .


بينك وبين امي
في عامل مشترك
كانت تعمل عروسه ورق
كل ما بعمل ذنب تشكها بإبره
وانا قلبي ليكي ورق .



بينك وبين والدي
في عامل مشترك
 بينزل كل يوم  الفجر
يرجع وانا نايم
عمري ما حسيت بيه
غير لما جبت البطاقه
فكنت مجبر أقول إسمه ورا إسمي .

  

Wednesday, December 26, 2012

الكائن المستعمل


حدت بالفعل ..
الكائن المستعمل L
Psychotherapist: you just need to accept the fact that you are" used" now  
Maco: but I have hard time accepting that
Psychotherapist: nothing will change Society's perception of you
Maco:  but not all of the Society's is racist
Psychotherapist: This is what they want you to believe in
Maco: so.. What to do
Psychotherapist: accept it and move on with your life
Maco: sorry … but I can't accept that …
So fuck it And fuck the Society's perception
Psychotherapist: so … Doubled the dose


Thursday, December 20, 2012

أين أنتي

أين انتي ... ؟؟؟ 
                                 
                            يقيني أن ...
أجمل النساء ... العاشقات 

وأجمل العاشقات ... المناضلات

و اجمل المناضلات ... الشيوعيات
                         
                            يقولون لي ....

لا تعشق شيوعية

لا تعشق شيوعية  ستنساك

ستنساك  وتفكر بالعمّال والكادحين

ستحدثك في ليالي الرومنسية عن ماركس
وتحدثك عن " الارض والخبز والسلام "
وتستطرد . حتى نهاية الكلام ستختمه "و كما ذكر لينين "
اذا احببت شيوعية عليك ان تكون ثائرا بلشفيا

واذا احبتك تصرف كدكتاتور في الحب

فالشيوعية مناسبة عامة قاصرة عن منحك الحب

                           
                             أقـول ..
  لن أعشق الا شيوعية ...
فهي الأم ، الاخت ، الرفيقة ، الحبيبة ، الأمل  و ينبوع الحياة  

                                 هي عشقي .... 
                                            فأين هي ؟؟؟
                                      هل سأجدك ؟؟؟ 

                                                     أين أنتي ؟؟؟
maco 3:13



Monday, December 3, 2012

ذكرى ........هبى النجار


ذكرى ........ 


ذكرى ........

لماذا عندما اتذكرك

اصاب بشعور الفوضى

تأكل اجزاء جسدي
احاط بهالة من القشعريرة
التقط قلبي قبل ان التقط آخر نفس

عندما يحين موعد قدومك على مخيلتي

ايعقل ؟؟؟؟

ان يكون هناك روحان في الجسد المنهك

ولا اطيق الصبر

ولا اطيق النصر ...وارضى بهزيمة

امام عينيك

فامسح دموعك ...واخلع قلبي من مكانه

امسح به مرجان جريان الشوق عندك

واحتمي وراء ضحكة خفيفة خبيثة

اتوق لإشتياق الطوق

واذوب في اسرك

دون ثورات غبية

ودون مقاومة .....وارفع رايات التعب

وريات الورود ....انثرها اضربها بوجهك فتصيبه

ليولد الورد مرتان

وازرعك في صفحة دفاتري

شيئا يعجبني ويعجبني ....ولا يعجبني

واقلبه ذات اليمين ...وذات الشمال

وقلبي باسط ذراعيه على اطراف رجليه

يركله كيفما شاء

اعلم ان امري صعب للغاية

ولقائ بك ...كلقاء النجوم ....بضفادع الارض

وانتظار ...يطول ....ودعاء بأن تشفى عيني

من مرض السهر

وتحكم بعقل رشيد ....وتلغي ذلك الارعن

لكنها روحي ....وانت وطني

وانا مشردة ....لاجئة ....تحكمني اعرافك

تقتلني شريعتك .....بصمتك

سأشتكيك إلى محكمة لاهاي

فانت مجرم بحقي

وعيناك تطوق لحربي

وانا اعلم بأني لا اقدر على جبروت سكوتك

هل هو إنهزام
....
ايتها الروح .....هل انت السبب

ام مكتوب على الشقاء

وان التقيكي ...وينتهي بنا المطاف

إلى لا لقاء
......
ساقول بوقاحة
....
ان كانت روحي قد عصت روحك فلا خير في نفسي

ولاخير في روحي

ولكي ...مني ....وردت حمراء

التقطها من جبل النور

من عيناكي
.....
انثرها على جبينك العالي

تهوي بي إلى هاوية لا هوية فيها

واضيع ....ولا اعرف الطريق

وابحث عنكي من جديد

وتلتقطني عينيكي من فوهة الجنون

دون علم ...دون كل ...او ملل

ولكي مني كل حياتي وصدقي

واقبل منكي فتات امل
هبى النجار 

Sunday, December 2, 2012

يكتب قراءة فى الدستور المهزلة - د/ احمد السيد النجار

  يكتب قراءة فى الدستور المهزلة - د/ احمد السيد النجار


د/ احمد السيد النجار يكتب قراءة فى الدستور المهزلة

بغض النظر عن عملية سرقته في ليلة مظلمة كضمائرهم، فإن "الدستور" يؤسس لكوارث جديدة، فالرئيس له سلطات ديكتاتور، ففوق سيطرته على السلطة التنفيذية كليا، يمكنه أيضا أن يشل المؤسسة التشريعية بأن يرفض أي قانون تصدره، ولا يمكنها تمريره إلا إذا حصل على أغلبية الثلثين بمجلس النواب... تيار "الإسلام" السياسي لا يضمن فوزه في الانتخابات البرلمانية القادمة، وبما أن الرئيس من عشيرتهم فسيكون دوره هو تعطيل السلطة التشريعية وشلها إذا جاءت أغلبيتها من خارجهم
2
المادة 10 تحول الدين من علاقة مباشرة لا وساطة فيها بين الإنسان وربه إلى علاقة تحت رقابة الدولة التي يمكنها وفقا لهذا "الدستور" المشوه أن تسن القوانين لتنظيم إلزام المجتمع بالقيم الأساسية وأولها الدين والأخلاق حسب نص المادة 10... الدولة بهذا ألغت حرية الإنسان في الاعتقاد وفي تأدية أو عدم تأدية الشعائر الدينية بعد أن أصبحت وصية على تدين المواطنين، وهي تفتح الباب أمام تكوين جماعات الغوغاء "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، لو حصلت قوى "الإسلام" السياسي على الأغلبية في البرلمان
3
في نفس سياق المادة 10، تأتي المادة 11 التي تنص على أن الدولة "ترعىالأخلاق والآداب والنظام العام والمستوى الرفيع للتربية والقيم الدينية.. إلخ" وذلك وفقا لما ينظمه القانون، يعني ببساطة سيتم سن قوانين لتنظيم هذه الرعاية للأخلاق والآداب والقيم الدينية، وهو هزل في موضع الجد وارتداد متخلف لمستوى القبيلة، رغم أن مصر قد أصبحت دولة فوق قبلية منذ الألف الخامسة قبل الميلاد في التوحيد الأول لها، الذي انفرط لفترة، قبل أن تعيد الوحدة في عهد مينا حوالي 3200 سنة قبل الميلاد... قانون الدولة يا سادة ينظم الحقوق والواجبات وتطبيقها على الجميع على قدم المساواة. أما التدين فهو حرية شخصية لا علاقة للدولة بها، والأخلاق هي نتاج لنظام التعليم والثقافة ومدى إتاحة الحرية والمساواة والعدالة وتكافؤ الفرص في العمل وتمكين البشر من كسب عيشهم بكرامة والمشاركة في صناعة مستقبل وطنهم بحرية
4
المادة 14 تطالب بوضع حد أدنى لأجر العاملين عموما، وحد أقصى لأجر للعاملين بالدولة، لكنها تضيف أنه يمكن أن تكون هناك استثناءات من الحد الأقصى بقانون... يعني يبقى الحال على ما كان عليه وأسوأ. وبالمناسبة دستور 1971 كان ينص على وضع حد أدنى للأجر يكفي لحياة كريمة، ووضع حد أقصى لتقليل الفوارق في الدخول. لكنه مثل الدستور الحالي لم يضع معايير محددة لهذا الحد الأقصى مثل ألا يزيد عن 15 أو 20 مثل الحد الأدنى.
و"الطريف" أن هذه المادة تطالب بربط الأجر بالإنتاج، وهو جهل مطبق، لأن إنتاجية العامل ليست مسئوليته بنسبة 99%، حيث تتحدد بمدى حداثة الآلات التي يعمل عليها، والنظام الإداري الذي يعمل في ظله والذي توجد به آليات صارمة وعادلة للثواب والعقاب. وببساطة لو كان هناك عامل يعمل في شركة تكرير نفط وهي تستخدم عمالة محدودة للغاية، حيث أنها صناعة كثيفة رأس المال، فإنه عند قسمة الناتج منها على عدد العاملين، تظهر إنتاجية العامل ضخمة جدا ويحق له الحصول على أجر مرتفع، رغم أنها في الحقيقة إنتاجية الآلات. وإذا كان هناك عامل آخر يعمل في شركة غزل ونسيج ويبذل جهدا أكبر من الأول، لكنه يعمل في صناعة كثيفة العمل، وبالتالي عند قسمة الناتج على عدد العاملين تبدو إنتاجية العامل منخفضة رغم أنه هو المسئول الرئيسي عن هذه الإنتاجية، وتبرر للشركة تقديم أجر منخفض له... إنه الظلم القائم على الجهل!
ولم تتحدث هذه المادة عن أي علاقة بين الأجور والأسعار. يعني أيام نظام مبارك كان فيه مقابل غلاء معيشة... الآن يمكنهم استنادا لـ "الدستور" أن يلغوها
5
المادة 15 لم تضع أي حد أقصى للملكية الزراعية لمنع سيطرة الإقطاع وحرمان الفلاحين من الأرض التي هم الأحق بها... إذن "أبشروا" باستمرار حرمان الفلاحين من الأرض واستمرار الملكيات بآلاف الأفدنة وحتى بعشرات الآلاف لكبار الملاك. كما لم تمنع ملكية العرب والأجانب للأراضي الزراعية، وهي هنا تتراجع عما تضمنه دستور 1971 في هذا الشأن. وللعلم فإن ملكيات الأجانب في مصر بلغت نحو 713.1 ألف فدان في عام 1917. كما كان هناك في مصر في عام 1930 نحو 3.4 مليون فدان، مرهونة للبنوك العقارية والزراعية وبنوك الأراضي، وكان جانبا كبيرا منها مرهونا للأجانب، ولولا أن قانون الخمسة أفدنة الذي صدر عام 1913 كان يحظر الحجز على الملكيات الزراعية التي تقل عن 5 أفدنة، وعلى أراضي الوقف أيضا، لكان جانبا كبيرا من أرض مصر قد خضع للحجز والبيع. ولم تنتهي هذه الدائرة الجهنمية من نهب غير المصريين لمصر في هذا المجال إلا بصدور قانون تحريم بيع الأراضي الزراعية للأجانب عام 1951، ثم استقلال مصر الحقيقي في عام 1952، قبل أن يرتد مبارك عن هذا الأمر ويفتح الباب عام 1995 لعودة ملكية غير المصريين للأراضي الزراعية، وهي الجريمة التي يستمر فيها "الدستور" الجديد
6
المادة 18 تنص على التزام الدولة بالحفاظ على الثروة المعدنية وحسن استغلالها ومراعاة حقوق الأجيال القادمة، وهو نص لا يختلف عما كان موجودا من قبل وساهم وما يزال في سوء استغلال ثرواتنا المعدنية والمحجرية التي وضع قانون عام 1956 لاستغلالها من قبل الدولة، يضع رسوما رمزية لهذا الاستغلال على أساس أن الدولة وحدها هي التي تستغلها. ولكن تغير الأمر في سبعينيات القرن العشرين وأصبح القطاع الخاص المحلي والأجنبي يستغل الثروات المعدنية والمحجرية، واستمر القانون القديم والرسوم الرمزية القديمة.. تصوروا أن الرسوم التي تحصل عليها الدولة على طن الحجر الجيري أو طن الطفلة تبلغ قرشان (اللأجيال الجديدة التي لم لا تعرف القرش..الجنيه مائة قرش)، وتبلغ 20 قرشا على طن الجرانيت... صحيح أن هناك رسوم محدودة أخرى تعطى للمحليات وأحيانا للجيش، لكنها متدنية للغاية أيضا، فضلا عن أنها تذهب في غير محلها. وحسب دراسات الهيئة العامة للثروة المعدنية في مصر فإن مصر يمكن أن تحصل على 25 مليار جنيه سنويا على الأقل كإيرادات من رسوم الثروة المعدنية لو تم تعديلها لمستوى الرسوم الموجود في العالم وفي بلدان الجوار. وإليكم النص الذي اقترحته بشأن الثروة المعدنية في الكراسة الاستراتيجية التي نشرها لي مركز لأهرام للدراست الاستراتيجية بعنوان "صياغة مقترحة للمواد الاقتصادية والاجتماعية في الدستور المصري الجديد"...
الموارد الطبيعية الناضبة مثل النفط والغاز وخامات الأسمنت والجبس والجير والطفلة والفوسفات والمنجنيز وغيرها، هي حق لكل الأجيال، وينبغي استخراجها بشكل معتدل يراعي حقوق الأجيال القادمة، على أن يتم استخدام العائدات التي يدرها هذا الاستخراج في بناء مشروعات إنتاجية عامة مملوكة للدولة تؤدي إلى رفع الناتج القومي ونصيب الفرد منه وإيجاد فرص للعمل، ويتم توريثها كمشروعات عامة متطورة وناجحة للأجيال القادمة، لتعويض الموارد الطبيعية الناضبة التي تم استنزافها بأصول متجددة القدرة على الإنتاج.
7
هذه المادة خاصة بالنظام الضريبي، وهي تكتفي بكلمة عامة عن أن العدالة الاجتماعية هي أساس النظام الضريبي، وأن الضرائب لا تنشأ ولا تعدل ولا تلغى ولا يعفى منها أحد إلا بقانون. وهذه المادة لا تتضمن أي إشارة إلى فكرة تعدد الشرائح الضريبية وتصاعد معدلاتها وشمولها للمكاسب الرأسمالية. وإليكم النص الذي طرحته في هذا الشأن في الكراسة الاستراتيجية التي أشرت إليها آنفا...
تفرض الضرائب بقانون، ولا يجوز فرض أي ضرائب أو رسوم أو غرامات أو إتاوات إلا بقانون، ولا يجوز تعديلها إلا بقانون، وتصب حصيلة الضرائب والرسوم والغرامات والإتاوات وأية متحصلات بحكم السيادة في الخزانة العامة للدولة، تحت ولاية الحكومة ممثلة في وزارة المالية، وليس لأي صناديق خاصة. ويراعى في قانون الضرائب أن يكون هناك إعفاء للفقراء ومحدودي الدخل من أداء الضريبة على الدخل، وإعفاء للمشروعات التعاونية والصغيرة ومتناهية الصغر من الضرائب والرسوم، إلى حد معين من الدخل والأرباح، وبعد أن تخرج من نظاق المشروعات الصغيرة، تفرض عليها ضرائب بالمعدلات التي يحددها القانون. ويكون النظام الضريبي متعدد الشرائح وتصاعديا بالنسبة للأفراد والشركات، بصورة متناسبة مع المقدرة التكليفية للممولين. وينظم القانون طريقة جباية الضرائب، بصورة محكمة وميسرة، وتفرض عقوبات صارمة على المتهربين من أداء الضريبة باعتبار التهرب الضريبي جناية تهرب من أداء حق المجتمع والدولة.
8
المادة 30 تنص على أن "المصادرة العامة للأموال محظورة، ولا تجوز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي" لو حد فيكم فهم حاجة من هذه المادة الركيكة الصياغة يا ريت يفهمني
9
المادة 32 تنص على أن "الجنسية حق وينظمه القانون"، كان من الضروري النص على أنه لا يجوز إسقاطها عن أي مصري أو مصرية. فحتى من يرتكب جريمة الخيانة العظمى يُعاقب بالقانون حتى لو صلت العقوبة للإعدام، لكن لا تُسقط الجنسية. وعدم النص على منع إسقاط الجنسية قد يفتح الباب أمام إساءة التفسير القانوني وسوء الاستخدام العملي.
10
المادة 48 تنص على حظر وقف أو إغلاق أو مصادرة الصحف إلا بحكم قضائي. وهو ما يعني استمرار الحظر والوقف والإغلاق عمليا، وهو تراجع خطير عن مكسب تحقق لنقابة الصحفيين عام 2006 على ما أذكر عندما تم إلغاء المادة التي تتيح وقف أو تعطيل أو إغلاق الصحف... هذه المادة عودة لتكميم الصحافة. أضف إلى ذلك الإصرار على رفض مطلب نقابة الصحفيين بمنع حبس الصحفيين في قضايا النشر، رغم أن ذلك التحصين للصحفيين في هذا الجانب، ضروري للغاية من أجل تمكينهم من القيام بدورهم الرقابي وكشف الفساد، وهو معمول به في أغلب دول العالم، حيث تتم معاقبة الصحفي الذي يُدان في قضايا النشر بالغرامة وليس بالحبس، وتصل الغرامة عند حدها الأقصى إلى ما يوازي راتب الصحفي في عام كامل في الكثير من الدول. أما في أي جريمة أخرى فالصحفي يعاقب مثل أي مواطن آخر.
11
المادة 53 تنص على أنه لا تنشأ لتنظيم المهنة سوى نقابة واحدة. وهي تتناقض مع المادة 52 التي تنص على أن "حرية إنشاء النقابات مكفولة". وهذه المادة موجهة لتجريم النقابات المستقلة التي تعتبر واحدة من أعظم التطورات في الحياة النقابية المصرية، فبعد "تأميم" العمل النقابي منذ عام 1957 وتحويل النقابات العمالية بالذات إلى ملحق للحكومة وأحيانا لجهازها الأمني، حققت الحركة النقابية انتصارا تاريخيا باستعادة حريتها وحقها في تشكيل نقابات مستقلة، وقام الأستاذ/ كمال أبو عيطة بدور تاريخي في قيادة تأسيس هذه النقابات بدءً من النقابة المستقلة للعاملين بالضرائب العقارية، وذلك بالتعاون مع كل المعنيين بالشأن النقابي.. هذا الحق تم انتزاعه عمليا في عصر مبارك، وحاول د. أحمد البرعي عندما كان وزيرا للقوى العاملة في حكومة د. عصام شرف أن يمرر قانون الحريات النقابية، لكن الحكومة رفضته، فخرج الرجل من الحكومة بموقف مشرف في مواجهة حكومة تريد استمرار اغتصاب الحريات النقابية. وها هي مسودة الدستور تتضمن مادة تقوم على منطق اغتصاب الحريات النقابية.
12
المادة 70 تنص على أنه لكل طفل الحق في اسم مناسب... أي عاقل سيستغرب من هذا النص ويقول أيه دخل الدولة في تسمية الأبناء... هذه المادة الطائفية مخصصة لمنع تسمية أبناء الأديان الأخرى بأسماء معينة يعتبرها البعض حكر على المسلمين. ووهذا أمر عبثي، لأنه من أجمل الأشياء التي حدثت في مصر في عصور الوحدة الوطنية، هو اختيار أسماء مشتركة للبحث عما يوحد الأمة لا عما يفرقها. وفي النهاية تسمية الأبناء شأن عائلي لا علاقة للدولة به ولا يجب أن تحشر أنفها فيه.
13
المادة 72 المتعلقة بذوي الإعاقة لم تحدد نسبة لهم في فرص العمل في المؤسسات العامة والخاصة، ولم تذكر ضرورة وضع آليات إجبارية لتنفيذها. وإليكم الصياغة التي قدمتها في الكراسة الاستراتيجية التي أشرت إليها آنفا..
تلتزم الحكومة وقطاعها العام وهيئاتها الاقتصادية وكذلك شركات القطاع الخاص بنسبة 5% من فرص العمل لديها لذوي الاحتياجات الخاصة لإدماجهم في سوق العمل ليشاركوا حسب قدرتهم في صنع نهضة بلادهم، ولتمكينهم من مساعدة أنفسهم وكسب عيشهم بصورة كريمة، وتوضع عقوبات على الشركات العامة والخاصة التي لا تلتزم بهذه النسبة تتمثل في فرض غرامات تماثل النسبة المذكورة من مخصصات الأجور وما في حكمها في الشركة المخالفة، إذا كانت لا توظف ذوي احتياجات خاصة لديها كليا، أو غرامة تستكمل تلك النسبة إذا كانت تلتزم جزئيا بتوظيف بعض ذوي الاحتياجات الخاصة، وتخصص حصيلة تلك الغرامة في تمويل تقديم إعانة بطالة لذوي الاحتياجات الخاصة.
14
المادة 202 تنص على أن الرئيس يعين رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية بعد موافقة مجلس الشورى لمدة أربعة سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة ولا يعزلون إلا بموافقة أغلبية أعضاء المجلس.... هذه المادة تعني استمرار أهم قاعدة للفساد في نظام مبارك، وهي تبعية الأجهزة الرقابية للسلطة التنفيذية التي من المفترض أن تلك الأجهزة تأسست لرقابة تصرفاتها في المال العام.وهذا لأمر يخلق تعارضا في المصالح، فاعتبار ولاءات رؤساء تلك الأجهزة لمن جاء بهم بالتعيين وليس بالانتخاب، تجعل من الصعب عليهم رقابة تصرفاته وتصرفات حكومته والقيادات الإدارية من حزبه بشأن المال العام... اعتبارات الملائمة السياسية في هذه الحالة، ستعوق المكافحة الحقيقية للفساد... هذه المادة كارثةحقيقية في بلد يحتاج لاتخاذ أقصى التدابير والإجراءات الاحترزية لمنع ومكافحة الفساد الذي ينخر في عظام الدولة.
أما تعيين رؤساء الهيئات المستقلة فالأفضل أن يكون من سلطات مجلس الشعب على أن يصدق عليه الرئيس، حتى لا يتم تكوين عصابة من الموالين لشخص واحد هو الرئيس في الهيئات العملاقة والمؤثرة في الاقتصاد والمجتمع بقوة مثل هيئة قناة السويس والهيئة العامة للبترول.
15
المادة 147 تنص على أن الرئيس "يعين الموظفين المدنيين والعسكريين ويعزلهم ويعين الممثلين السياسيين للدولة ويقيلهم. هذه المادة تعطي الرئيس هيمنة مطلقة وتحكم كامل في التعيين والترقية في كل مستويات الوظائف المدنية والعسكرية. وليس لدي تعليق إلا أنها نوع من الجنون المطلق، فقواعد التعيين والترقي في الوظائف المدنية والعسكرية تحدده قوانين ولوائح، والمطلوب هو ضمان ألا يتم هذا التعيين بالمحسوبية، وإنما على أسس موضوعية يحددها القانون واللوائح بصورة دقيقة. هذه المادة هي تهديد حقيقي بتدمير المؤسستين العسكرية والشرطية لصالح تعيين أنصار جماعة الرئيس فيهما وتحويلهما إلى مسوخ قائمة على الأيديولوجيا الدينية بدلا من كونهما مؤسسات وطنية. ثم أي رئيس هذا الذي يتفرغ لتقييم وتعيين الموظفين المدنيين والعسكريين، وأي قدرات خارقة لديه ليقوم بما يتطلب القيام به آلاف الموظفين، إلا إذا كانت جماعة الإخوان هي التي ستقوم بذلك لتبذر أعضائها وأنصارها في الوظائف العامة المدنية والعسكرية لتكمل محاولتها للإجهاز على الدولة.
16
المادة 205 تنص على أن يتولى الجهاز المركزي للمحاسبات، الرقابة على أموال الدولة... لم تنص المادة على رقابة الجهاز على الهيئات الاقتصادية للدولة وقطاعها العام وعلى حصص المال العام في الشركات المشتركة. كما لم تنص على حق الجهاز في النفاذ لكل المعلومات المتعلقة بالتصرفات في المال العام بصورة ملزمة لكل الجهات التي من المفترض أن يراقبها
17
المادة 149 تنص على حق الرئيس في العفو عن العقوبة أو تخفيفها.. كان ينبغي قصر هذا الحق وبضوابط محددة على الجرائم العامة المتعلقة بالاعتداء على الحقوق العامة، وألا يسري هذا الحق على العقوبات المتعلقة بالاعتداء على الحقوق الخاصة، بمعنى أنه يمكن أن يرتكب شخص ما جريمة قتل، فلا يجوز العفو عنه قبل انقضاء عقوبته، لأن العقوبة هي نوع من القصاص لأهل القتيل. وكما أفرج الرئيس عن الإرهابي قاتل الكاتب فرج فودة لأنه من "أهله وعشيرته"، دون أدنى مراعاة لحقوق ومشاعر أهل القتيل، فإن هذه المادة تتيح للرئيس أن يكرر الفعلة نفسها مع قتلة آخرين من هذا النمط.
18
المادة 166 تنص على أن توجيه الاتهام للوزراء أو رئيسهم لا يصدر إلا بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب حتى لو كان الرئيس أو النائب العام هو من يوجه الاتهام... يعني لو حزب رئيس الوزراء أو أي وزير لديه أكثر من ثلث أعضاء مجلس النواب واتفق هؤلاء الأعضاء على حمايته باعتباره ممثلا للحزب، فإنه حتى لو كانت هناك أدلة قاطعة على ارتكابه لأي جريمة متعلقة بوظيفته العامة أو فساده، فإنه لا يمكن محاكمته... إذن لا محاسبة حقيقية للوزراء أو رئيسهم... يبقى الحال على ما كان عليه في عصر مبارك.
19
المادة 193 المتعلقة بمجلس الأمن القومي لا تضم رئيس الأركان وهو القائد الفعلي للجيش.. كيف يستقيم ذلك؟!
20
المادة 199 تكرس استمرار الرئيس في رئاسة جهاز الشرطة، ولا تتعرض لدمج الخدمات المدنية والشرطية تحت مظلة الشرطة، بما يعني استمرار هذا الدمج، رغم أن فصلهما هو مطلب مشروع لمصلحة المواطنين والعاملين في تلك الخدمات المدنية
21
المادة 215 تستحدث "المجلس الوطني للإعلام" دون أن تقول كلمة واحدة عن كيفية تشكيله ومدى استقلاله
22
المادة 216 تستحدث "الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام" دون أن تتعرض لكيفية تشكيلها ومدى استقلاليتها
23
المادة 219 كارثة، فرغم أن المادة الثانية تشير إلى أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، فإن هذه المادة تتضمن نص المادة الثانية وتضيف إليها أن مبادئ الشريعة تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة. هنا أصبح الأمر يتعلق بأحكام الشريعة سواء تلك المرتبطة بزمن الدعوة مثل كل ما يتعلق بالرق والجواري ومعاملة غير المسلمين في البلاد التي يحكمها المسلمون، أو العابرة للأزمان المتعلقة بالحق والعدل والقصاص، ولا يقتصر الأمر على ما أنزله القرآن، بل يتعداه إلى اجتهادات أهل السنة والجماعة، حسب مزاج من سيختار من اجتهاداتهم.. هذه المادة تعتدي على العقل وحقوق الإنسان
والحضارة نفسها
24
مشروع "الدستور" لم يذكر شيئا عن إعانة البطالة للعاطلين إلا في مادة مطاطة تحدثت عن الضمان الاجتماعي وشموله لفئات بينها العاطلين. وتجاهل حقوق عدة ملايين من المصريين من أرباب المعاشات ممن أفنوا عمرهم في خدمة الوطن ويحصلون على معاشات تنحدر بهم لمصاف الفقراء، ولم يضع أي قاعدة مبدئية لتوصيف أموال المؤمن عليهم على انها أموال خاصة لهم وليست مالا عاما، ولا عن المبادئ العامة لإدارتها لصالح أصحابها