Friday, January 20, 2012

V for vendetta - قصة القناع الذي مازال رمزاً للثوار


V  for vendetta - 
قصة القناع الذي مازال رمزاً للثوار

قصة القناع الذي مازال رمزاً للثوار

في نيويورك وروما واليونان ومدريد وبعض البلاد العربية وغيرها وعلي مدار عقود كان يطل علينا وسط جموع الثوار من يرتدون أقنعة بيضاء شاحبة بذقن حادة في ابتسامة غامضة ليصبح القناع الأشهر في عالم الثورات رمزا لها ويذكرنا برواية
V
التي ألهبت خيال الثائرين علي الظلم منذ ثلاثين عاما حين ظهورها في بريطانيا وحتي الآن.

في مطلع القرن الماضي وفي إحدي مدن الريف الإنجليزية النائية, لم يكن أحد ليتصور أن أستاذا في الأدب الإنجليزي .. بالغ الخجل وكلاسيكيا وتقليديا إلي أبعد الحدود, سيمكنه خياله من نسج خيوط ملحمة سيد الخواتم .. تلك الثلاثية التي لا يزال الكثيرون يقعون أمام ما تحويه من أفكار وخيال يتطلب ثقافة متعددة وخيالا خصبا, ولكن استطاع تولكينز البالغ من العمر سبعين عاما أن يكسر القاعدة ويبدع تلك الرواية الأكثر ترجمة وطباعة ومبيعا لعقود طويلة.
الكلام نفسه ينطبق علي تلك المطلقة البريطانية في منتصف عمرها .. جي كي رولنج التي كانت تعيش في شقة تابعة للمساعدة الاجتماعية وتعتمد علي الإعانة الحكومية لإعالة طفلها وحدها, عندما قررت أن تمسك بالقلم وتبدأ فصول قصة تعتمد علي الخيال والسحر والأبعاد المتعددة الشخصيات روايات هاري بوتر, وباقي ما حدث لاحقا يحكيه التاريخ كما يقول المثل الغربي .. فخلال سنة واحدة توالت النجاحات وأصبحت تلك المرأة أغني وأكثر ثراء عن شخصية عادية الثقافة لم تعرف السفر ولا تتعرض لما يثري الخيال, ولكنها استطاعت إبداع ما يستعصي علي العقل البشري العادي, ربما يختلف صاحب قصتنا هذا عن هذين النموذجين سوي في كونه غريب الأطوار والهيئة, ولكنه أيضا استطاع في مطلع حياته الأدبية أن ينسج خيوط رواية في التي تدفع أحداثها الدماء في الجسد الميت وتحيي ما مات من العزائم والهمم, وتصبح رمزا للثورة علي الظلم في كل مكان وتعطيها بعدا دراميا ورومانسيا كثيرا ما يغيب عن هذه الأحداث.

في بريطانيا أيضا عام 1953 ولد آلان مور في نورثهامبتون ويحكي الرجل الكث اللحية والغريب الطلة .. كيف كانت طفولته وسنوات دراسته الأولي مليئة بالمشاكل والتقلبات .. وكيف انزلق في تجارة المخدرات قبل أن يمضي وقتا في السجن جعله يراجع نفسه ويقرر بدء حياة جديدة .. تلك المدة التي قضاها في الحبس جعلته يقدر معني الحرية والمسئولية الملقاة علي هؤلاء الذين ينعمون بها ولا يستغلونها.
كان مور من القلائل الذين استطاعوا التعلم من تجاربهم السيئة مبكرا وعدم الاسترسال في الضياع والتخبط.

بدأ حياته بعد إطلاق سراحه في فقر مدقع في مطلع السبعينيات وكان يحصل علي قوت يومه من أعمال ووظائف متتالية ضمت تغذية البهائم في الحظائر, وتنظيف الحمامات في الفنادق وأخيرا العمل في محطات الوقود.

قبل أن يجد نفسه في الكتابة وكانت أولي كتاباته بعنوان ألفين سنة بعد الميلاد وذلك عام 1980 ثم بدأ يكتب روايته الشهيرة في فور فانديتا عام 1982 والتي حققت ذلك النجاح الهائل وافتتن الناس ليس بأحداثها فحسب وإنما بذلك القناع الذي ارتداه البطل طوال الرواية ولم يخلعه أبدا حتي قبيل موته, أو حي البطلة بعدم نزعة أبدا .. قناع أبيض شاحب بابتسامة آسرة وذقن رفيع وحمرة تعلو وجنتيه.

القصة تدور أحداثها في بريطانيا في أواخر التسعينيات .. أي قبل حوالي عشرين عاما من هذا التاريخ الذي بدا فيه مور الكتابة.

البلاد تنأي تحت وطأة ديكتاتور ونظام بالغ الاستبداد.. يرفض الآخر ويقمع الناس ويخيم مناخ من الخوف والقتامة علي كل شيء.

الاستغلال هو عنوان تعامل الحكومة مع الناس, حتي التجارب العلمية تجري عليهم .. الأسلحة يتم تجربتها علي عينات منهم ثم إبادتهم في أعقاب ذلك .. الفكر المختلف أوحتي الميول المغايرة للمألوف والمتعارف عليه يتم إقصاؤها أو التمثيل بأصحابها ويظل المشهد في البداية قاتما حتي يظهر البطلان.

الفتاة اليتيمة آيفي والبطل المقنع في الذي يقع في حبها وتقوده الظروف إلي احتباسها في مخبأئه ويبدأ في تعليمها أفكاره الثورية والتي تبدأ في التحقق علي الأرض.. منها العنيف ومنها ما يتم تداوله عبر الأفكار وبثها في عقول الناس الذين تتضاعف أعدادهم ويصبحون قوة وراءه ضد الطغيان.

وتبدأ قصة حب تنسج خيوطها بين البطل الغامض بكلماته المقضبة وأفكاره العميقة والفتاة البريئة الملامح والتي لا تتعلم منه أفكاره فحسب ولا تتعرف فقط علي خلفيته وتاريخه المثير للجدل .. وإنما تستوحي منه كيف تتلخص من الخوف الذي يكبل المرء وكيف تتمرد علي الإحساس الخادع الذي يعتمل داخل البشر ويهيئي لهم زورا وبهتانا .. أنهم غير قادرين علي اقتناص حريتهم داخل أنفسهم قبل المطالبة بها علي أرض بلادهم الملحمة. تتكون من ثمانية وثلاثين فصلا كل منها اختار له المؤلف عنوانا يبدأ بالحرف
V وتحولت عام 2007 إلي فيلم من بطولة ناتالي بورتمان وهيوجو ويفنج مما ساهم أكثر في نشر القصة بين أجيال أصغر سنا من تلك التي تداولت الرواية في أوائل الثمانينيات.

رمز الثائر والباحث عن الحقيقة
عندما قام جوليان أسانج .. مؤسس موقع ويكيلكس بالظهور مؤخرا مرتديا القناع ذاته برر ذلك بسببين أساسيين الأول هو أن قصة في ما هي في الواقع سوي تنبؤ عبقري بما يحدث حاليا الآن من القدرة علي اقتحام شبكات المعلومات السرية والحصول منها علي الحقائق والمعلومات .. ومن هنا يأتي السبب الثاني لارتداء أسانج القناع, حيث يري هو شأنه شأن الكثيرين أن في يرمز إلي البحث عن الحقيقة والكشف عن الأكاذيب من أجل سيادة الحرية وإرادة الناس.. وهو الهدف الذي دافع عنه أسانج أمام هؤلاد الذين هاجموا بشدة فضحه لوثائق سرية من كل أنحاء العالم علي موقعه الشهير.

وإذا كان أسانج قد ارتدي القناع ودافع عنه .. فهو يأتي في ذيل سلسلة من كثير من اختاروا الظهور بالقناع أو رسمه علي الجدران والحوائط رمزا للثورة والتمرد علي الظلم .. رأيناه في احتجاجات اليونان في أوج الأنمة الاقتصادية ورأيناه في نيويورك في احتجاجات وول ستريت وفي موسكو ضد بوتين وتزوير الانتخابات لصالح حزبه .. وفي شتي العواصم الأوروبية وغيرها في مظاهرات احتلوا الميادين.
ظهر آلاف الناس وهم يضعونها علي وجوههم .. بعضهم كان ينادي بما انطلق من أجله .. والبعض الآخر كان يقف في صمت حاملا لوحاته وتاركا للقناع أن يترك بصمته وأثره في إيصال المعني والروح, حتي أثناء موجة الربيع العربي كان هناك بعض اللقطات التي تبرز مدي وصول هذا الرمز إلي شتي بقاع العالم والذي تحصل الشركة الحاصلة علي حقوق ملكية تصميمه وتنفيذه علي نصيب الأسد من أرباح بيع القناع, حيث يتم بيع الواحد بسعر يتراوح ما بين عشرة إلي ثلاثين دولارا .. ويزيد عدد الأقنعة المباعة سنويا علي مئة ألف قناع أصلي, هذا إلي جانب آلاف أخري من المقلدة في الصين.
ميلودراما الثورة
احتفت الصحافة الغربية وخصوصا في أوروبا بمرور ثلاثين عاما علي إصدار الرواية والتي تنبأت بسطوة شبكات المعلومات علي مجريات الأمور في السياسة, وكأنها كانت تقرأ ما يحدث الآن بين ناظري العالم كله, ونال من الاحتفاء نصيبا خاصا الكاتب آلان مور الذي اعترف بأن كتاباته كلها رغم إخفاق بعضها ونجاح الآخر, لم ترق إلي مستوي التأثير الذي أحدثته رواية في.. ومن تلك الأعمال كتيبة الرجال المتميزين وووتشمان والحريق ومن الجحيم .. وغيرها.

مور الذي اختار من زمن طويل حياة العزلة بعيدا عن الإعلام سئل عن هذا السحر والافتتان الذي نال الرواية, والقناع.. قال : الرواية هي لسان حال الإنسان الراغب في أعماقه في التمرد علي الظلم واقتناص الحرية بأي شكل وهي تعطي الصورة أبعادا ميلودرامية ورومانسية وهو ما دعا إليه البطل رسميا في الرواية .. أما القناع فهو يرمز إلي كل ذلك.

No comments:

Post a Comment