Monday, November 14, 2011

مباديء الشيوعية - القسم الثاني







مباديء الشيوعية - القسم الثاني


15-س: ألم يكن بالإمكان إذن إلغاء الملكية الخاصة في السابق؟
ج(2): كلا إن كل تغير في النظام الاجتماعي وكل تحول في علاقات الملكية هما النتيجة الحتمية لظهور قوى منتجة جديدة لم تعد تتوافق مع علاقات الملكية القديمة. هكذا ظهرت الملكية الخاصة ذاتها, لأن الملكية الخاصة لم تكن موجودة دائما, فعندما ظهر, في نهاية القرون الوسطى, نمط انتاج جديد مع المانيفاتورة لاينصاع لملكية الاقطاعية والجمعية الحرفية وعندما لم يعد الانتاج المانيفاتوري يتوافق مع علاقات المكية القديمة ظهر شكل جديد من الملكية هو الملكية الخاصة. والواقع انه لم يكن هناك, بالنسبة للمانيفاتورة وللمرحلة الاولى من مراحل تطور الصناعة الكبرى, من شكل للملكية ممكن سوى الملكية الخاصة, ولا من شكل النظام الاجتماعي ممكن سوى ذلك القائم على الملكية الخاصة, وطالما لايمكن انتاج مايكفي من الخيرات المادية, ليس فقط لسد حاجات الجميع بل وايضا لتأمين فائض من الانتاج يسمح بزيادة رأس المال الاجتماعي ومتابعة تطوير القوى المنتجة, فانه لا بد أن توجد طبقة مسيطرة, تتصرف بقوى المجتمع المنتجة وطبقة فقيرة مضطهدة. إن تكوّن هاتين الطبقتين وطابعهما رهن بمستوى تطور بالانتاج. وهكذا فإن مجتمع القرون الوسطى القائم على زراعة الأرض افرز السيد الاقطاعي والقن, وأفرزت مدن أواخر القرون الوسطى أسياد الجمعيات الحرفية والصنّاع والمياومين, والقرن السابع عشر أفرز مالك المانيفاتورة والعامل, والقرن التاسع عشر, الصناعي الكبير والبروليتاري. من الواضح إذن, أن القوى المنتجة لم تكن, حتى الآن, قد بلغت من التطور درجة تسمح بانتاج ما يكفي للجميع, وتسمح بأن تصير الملكية قيدا وعائقا في وجه تطور هذه القوى, أما الآن وقد أمن تطور الصناعة الكبرى, أولا, وجود رساميل وقوى منتجة بأتساع لامثيل له سابقا, ووفر وسائل تعاظم هذه القوى تعاظما سريعا و متناهيا, وقد أخذت القوى المنتجة هذه تمركز, ثانيا, في أيدي حفنة من البرجوازيين. وقد بلغ, ثالثا, تجاوز هذه القوى المنتجة الجبارة, بتكاثرها السريع, نطاق الملكية الخاصة والنظام البرجوازي لدرجة تعريض النظام الاجتماعي بأسره لاضطرابات في كل لحظة, أما الآن فقد أصبح إلغاء الملكية الخاصة, ليس فقط ممكنا بل وضروريا ايضا بصورة مطلقة.
16- س: هل يمكن الغاء الملكية الخاصة بالطرق السلمية؟
ج: حبذا لو يحصل ذلك, وسيكون الشيوعيون بالتأكيد آخر من يتذمر لو حصل. فالشيوعيون يعرفون تمام المعرفة أن جميع المؤامرات ليست فقط عديمة الفائدة بل وأيضا مضرة. وهم يعرفون تمام المعرفة أن الثورات لا تحصل عمدا, اعتباطا بل هي في كل مكان وزمان النتيجة الحتمية لظروف خارجة تماما عن إرادة وقيادة أحزاب منفردة أو طبقات بكاملها. إلا أنهم يرون أيضا أن تطور البروليتاريا يقمع بوحشية في جميع البلدان المتمدنة تقريبا, وأن خصوم الشيوعيين إنما يدفعون بذلك الى الثورة بكل قواهم, وإذا ما أرغمت البروليتاريا على الثورة, في نهاية الامر, فسندافع, نحن الشيوعيين, عن قضية البروليتاريا بالافعال, وبالصلابة ذاتها التي ندافع بها حتى الآن بالاقوال.
17- س: هل يمكن الغاء الملكية الخاصة دفعة واحدة؟
ج: كلا. فكما لايمكن تنمية القوى المنتجة القائمة, دفعة واحدة, الى الحد الذي تتطلبه إقامة الملكية الجماعية, كذلك لا يمكن الغاء الملكية الخاصة دفعة واحدة. فثورة البروليتاريا الراجح حدوثها سوف لن تتمكن إلا تدريجيا من تحويل المجتمع الراهن, لن تتمكن بالتالي من الغاء الملكية الخاصة نهائيا الى عندما تتوفر الكمية اللازمة من وسائل الانتاج.
18- س: ماهو مجرى التطور الذي ستتخذه تلك الثورة؟
ج: ستضع الثورة, قبل كل شيء, دستورا ديمقراطيا للدولة, وتقيم بذلك بصورة مباشرة او غير مباشرة سلطة البروليتاريا السياسية. مباشرة في انكلترة, حيث تشكل البروليتاريا اغلبية الشعب, بصورة غير مباشرة في فرنسا والمانيا, حيث تتألف الاغلبية ليس فقط من البروليتاريين, بل وايضا من صغار الفلاحين وصغار البرجوازيين الذين ما زالوا في طور التحول الى البروليتاريا, والذين يزداد ارتباط تحقيق مصالحهم السياسية بتحقيق مصالح البروليتاريا, والذين عليهم بالتالي الاسراع بتبني مطالبها, ان تحقيق ذلك قد يتطلب ايضا نضالا جديدا, إلا أنه سينتهي حتماً بانتصار البروليتاريا.
إن الديمقراطية ستكون عديمة الفائدة بالنسبة الى البروليتاريا اذا لم تستخدم حالا كوسيلة لفرض التدابير التي تحمي وجود البروليتاريا وتتصدى مباشرة للملكية الخاصة. وأهم هذه التدابير التي تبرز, منذ الآن, كنتائج حتمية للظروف الراهنة, هي التالية:
1- الحد من الملكية الخاصة عن طريق اعتماد ضرائب تصاعدية, وضرائب مرتفعة على الإرث, والغاء حق الارث الفرعي (الاخوة, واولاد الاخوة..الخ) والقروض القسرية...والخ.
2- مصادرة تدريجية لملكية الملاكين العقاريين والصناعيين ومالكي سكك الحديد وشركات الملاحة البحرية, بعضها بواسطة مزاحمة القطاع الصناعي الخاص بالدولة, وبعضها الآخر, بصورة مباشرة لقاء تعويض بشكل سندات حكومية.
3- مصادرة ممتلكات جميع المهاجرين والمتمردين على إرادة اغلبية الشعب.
4- تنظيم العمل أو تشغيل البروليتاريين في الممتلكات الوطنية والمصانع والورشات, الامر الذي يزيل المنافسة بين العمال ويجبر الصناعيين, ماداموا موجودين, على دفع الاجور المرتفعة ذاتها التي تدفعها الدولة.
5- العمل الاجباري بالتساوي لجميع افراد المجتمع حتى القضاء الكامل على الملكية الخاصة, وانشاء جيوش صناعية, وخاصة في الزراعة.
6- مركزة نظام القروض, التجربة المالية في أيدي الدولة, عن طريق انشاء بنك وطني برأسمال من الدولة, الغاء جميع المصارف الخاصة والصيارفة.
7- تكثير المصانع الوطنية والمشاغل الصناعية وسكك الحديد والسفن, استصطلاح الاراضي وتحسين ماهو مستصلح منها, وذلك بمقدار ما تتزايد الرساميل واعداد العمال التي في حوزة البلد.
8- تربية جميع الاولاد ابتداء من اللحظة التي يستطيعون فيها الاستغناء عن رعاية الام المباشرة, وذلك في مراكز الرعاية الوطنية, وعلى نفقة الدولة (الجمع بين التربية والانتاج الصناعي).
9- انشاء دور فخمة, في الممتلكات الوطنية, وجعلها مساكن عامة خاصة بجماعات المواطنين الذين يعملون في الصناعة والزراعة, جامعة بذلك حسنات الحياة في المدينة والحياة في الريف, ومتجاوزة رتابتها ومساوئهما.
10- هدم جميع ماهو سيء البناء وغير صحي من المساكن والاحياء.
11- مساواة الاولاد الشرعيين وغير الشرعيين في حق الارث.
12- مركزة جميع مصالح النقل في أيدي الدولة.
ان هذه التدابير لايمكن تنفيذها, طبعا, دفعة واحدة. الا ان الواحد منها يستتبع الآخر بالضرورة. فإذا ما قامت البروليتاريا بأول هجوم جذري على الملكية الخاصة, فسوف تجد نفسها مجبرة على السير قدما باستمرار وعلى تركيز كل الرأسمال والزراعة والصناعة وجميع وسائل النقل والمبادلات التجارية بأيدي الدولة بأطراد. وهذا هو الهدف الذي تسعى اليه كل تلك التدابير والتي ستصبح قابلة للتطبيق, سيكون لها نتائجها الممركزة تبعا لتزايد نمو القوى المنتجة للبلاد بفضل عمل البروليتاريا. وعندما تصبح, أخيرا, جيمع الرساميل وكامل الانتاج والتجارة بأيدي الامة فستسقط الملكية الخاصة من تلقاء ذاتها, يفقد المال أهميته, ويزداد الانتاج, ويتحول الناس الى حد يمكن معه الاطاحة ايضا بآخر علاقات المجتمع القديم.
19- س: هل يمكن أن تحدث هذه الثورة في بلد واحد بمفرده؟
ج: كلا. فالصناعة الكبرى, وقد أوجدت السوق العالمية, قرّبت بين شعوب الارض جميعا, ولا سيما بين الشعوب المتمدنة, لدرجة أن كل شعب بات مرتبطا بما يجري لأي شعب آخر. أضف الى ذلك أنها وحدت التطور الاجتماعي في جميع البلدان المتمدنة, بحيث أصبحت البرجوازية والبروليتاريا, في جميع هذه البلدان, الطبقتين الاساسيتين في المجتمع, واصبح الصراع القائم بينهما الصراع الاساسي راهنا. لذلك فان الثورة الشيوعية لن تكون فقط ثورة وطنية بل ستندلع في الوقت نفسه في جميع البلدان المتمدنة, أي على الاقل في انكلترة, اميركا وفرنسا والمانيا. وستتطور في كل من هذه البلدان بصورة اكثر سرعة او أشد بطئا, حسب ما يملكه هذا البلد أو ذاك من صناعة اكثر تطورا, وثروة اكبر , وقوى منتجة اعظم قدرا. ولذا ستكون الثورة في المانيا هي الأشد بطئا والاكثر صعوبة في التنفيذ , بينما ستكون في انكلترة اسرع واسهل. سوف تمارس تأثيرها العظيم على البلدان الاخرى في العالم حيث ستغير تماما نمط النمو القائم وتعجل كثيرا في وتيرة تطورها, انها ثورة كونية, سيكون مجالها اذن كونيا.
20- س: ماهي نتائج الغاء الملكية الخاصة الغاء نهائيا؟
ج: إن المجتمع, اذ يجرد الرأسماليين الافراد من حق استخدام جميع القوى المنتجة وجميع وسائل المواصلات, وكذلك تبادل المنتجات وتوزيعها, واذ يديرها بموجب خطة مرسومة وفقا لامكانات وحاجات اعضائه, يقضي, بالدرجة الاولى, على كافة النتائج السلبية الناجمة عن النظام المتحكم حاليا بالصناعة الكبرى. فتزول الازمات, والانتاج الموسع الذي هو في الواقع, وفي المجتمع الراهن, فائض انتاج وسببا هائلا للبؤس – لا يعود كافيا لتلبية الحاجات وسوف ينبغي توسيعه ايضا. وبدلا من التسبب في الشقاء, سيسمح الانتاج الفائض عن حاجات المجتمع بتلبية حاجات الجميع, وسيولد حاجات جديدة, وفي الوقت نفسه, وسائل تلبيتها. وسيكون شرط تحقيق أي تقدم جديد وسببه, دون أن تعصف الاضطرابات في المجتمع كما كان يحصل دائما حتى الآن. وسوف تتطور الصناعة الكبرى, بعد تحررها من نير الملكية الخاصة, الى درجة يبدوا معها اتساعها الراهن متواضعا توضع المانيفاتورة بالقياس الى الصناعة الكبرى في ايامنا, وسيضع تطور الصناعة هذا, بتصرف المجتمع وكميات من المنتجات كافية لتلبية حاجات الجميع. وكذلك الزراعة – التي يحول نظام الملكية الخاصة ونظام التفتت دون استفادتها من التحسينات المحققة ومن الاكتشافات العلمية – فإنها ستشهد انطلاقة جديدة تماما وستقدم للمجتمع مقادير وافية تماما من المحاصيل. وهكذا سيصنع المجتمع ما يكفي من المنتجات للتمكن من تنظيم عملية التوزيع بشكل يرضي متطلبات جميع اعضائه. وبذلك يصير انقسام المجمتع الى طبقات مختلفة ومتناحرة ليس فقط نافلا بل وأيضا غير متوافق مع النظام الاجتماعي الجديد: لقد نتج وجود الطبقات عن تقسيم العمل. وتقسيم العمل, بشكله الراهن, سيزول تماما. إذ أنه لرفع الانتاج الصناعي والزراعي الى المستوى المشار اليه فإن الوسائل الميكانيكية والكيميائية المساعدة لا تكفي وحدها, فقدرات الناس الذين يستخدمون هذه الوسائل يجب أن تطور ايضا بالنسبة ذاتها. وكما غيَّر الفلاحون وعمال المانيفاتورة, في القرن الماضي, مجمل نمط حياتهم وتحولوا هم ايضا الى اناس مختلفين تماما بعد أن احتوتهم الصناعة الكبرى, فإن إدارة الانتاج الجماعية من قبل المجتمع بكامله, وما ستثيره من تطور جديد للانتاج, سوف تحتاج الى قوى بشرية من طراز جديد, وستخلق الاناس المناسبين للوضع المستجد. فلا يمكن لادارة الانتاج الجماعية أن تتم بواسطة اناس, :كأناس يومنا هذا, خاضعين كل بمفرده لفرع انتاجي وحيد, مشدودين اليه ومستغلين فيه, مطورين فقط واحدة من طاقاتهم على حساب الطاقات الاخرى, لا يعرفون سوى فرع واحد من الانتاج أو جزء من فرع. فهاهي الصناعة الحالية ذاتها تتقلص حاجتها الى مثل اولئك الناس باستمرار. إن الصناعة التي يخططها المجتمع بأسره ويديرها جماعيا, تشترط وجود أناس ذوي قدرات شاملة التطور وفي وضع يمكنه من معاينة مجمل جهاز الانتاج. إن تقسيم العمل, الذي قد خلخله تقدم الآلتية, والذي جعل من هذا الفرد فلاحا ومن الآخر سكافا ومن الثالث عاملا صناعيا ومن الرابع مضاربا في البورصة, سيختفي اذا تماما. وستتيح التربية للشبيبة امكانية التمثل السريع لمجمل نظام الانتاج بممارسته, وستهيئهم للانتقال تباعا من فرع صناعي الى آخر حسب حاجات المجتمع أو وفق ميولهم الخاصة وستحررهم بالتالي من ذلك الطابع الوحيد الجانب الذي يفرضه تقسيم العمل الحالي على كل فرد, وهكذا, سيتيح المجتمع, القائم على اساس التنظيم لشيوعي, لافراده فرص الافادة من طاقاتهم المتناسقة التطور, وبذلك تختفي حتما الطبقات المختلفة حيث أن المجتمع المنظم شيوعيا لا يحتمل, من جهة, بقاء الطبقات, ويقدم بنفسه, من جهة أخرى, وسائل ازالة الفوارق الطبقية.
ونتيجة لذلك, سيزول ايضا التناقض بين المدينة والريف, فمزاولة الزراعة والصناعة من قبل الناس أياهم, بدل أن تعود الى طبقتين مختلفتين, تصبح لأسباب مادية بحتة, شرطا ضروريا للتكامل الشيوعي, إن بعثرة الاهالي المشتغلين في الزراعة في الريف مع مركزة العاملين الصناعيين في المدن الكبرى هو وضع يتوافق فقط مع مرحلة غير متطورة بعد قطاعي الزراعة والصناعة وعائق لكل تطور لاحق, بدأ يصبح منذ الآن ملموسا.
التشارك العام لجميع اعضاء المجتمع بغية الاستثمار الجماعي والمعقلَن للقوى المنتجة, وتوسيع الانتاج الى درجة تكفي حاجات الجميع, وتصفية الوضع الذي تلبى فيه حاجات بعض على حساب بعض آخر, وإزالة الطبقات وتناحراتها إزالة كاملة, والتطوير الشامل لطاقات جميع اعضاء المجتمع عن طريق الغاء تقسيم العمل الحالي ومن خلال التربية الصناعية ومن خلال تبديل النشاطات ومشاركة الجميع في التمتع بالخيرات المنتجة وانصهار المدينة والريف, تلك هي النتائج الرئيسية للقضاء على الملكية الخاصة.
21-س: ما الأثر الذي سيحدثه النظام الشيوعي في العائلة؟
ج: سيحول العلاقة بين الجنسين الى علاقة محض خاصة تهم فقط الاشخاص المعنيين, وليس للمجتمع أن يتدخل فيها.
وسيتمكن من ذلك لأنه سيلغي الملكية الخاصة, ويربي الاطفال جماعيا ويقضي هكذا على اساسي الزواج المعتمد حاليا. الأساسين الناشئين عن الملكية الخاصة وأعني بهما: تبعية المرأة للرجل, تبعية الاولاد للوالدين. وهنا يكمن الرد على صيحات ضيّقي الافق من الاخلاقيين البرجوازيين ضد مشاعية المرأة المزعومة في الشيوعية. إن مشاعية المرأة هي علاقة من صلب المجتمع البرجوازي وتتمثل اليوم كليا بالدعارة. غير أن الدعارة ترتكز على الملكية الخاصة وتزول معها. فالنظام الشيوعي يلغي اذن مشاعية المرأة بدل أن يكرسها.
22- س: ماهو موقف النظام الشيوعي من القوميات القائمة(4)؟
23 –س: كيف سيتصرف النظام الشيوعي ازاء الاديان القائمة(5)؟
24-س: بم يتميز الشيوعيون عن الاشتراكيين؟
ج: يقسم مايسمى بالاشتراكيين الى فئات ثلاث:
الفئة الاولى تتألف من أنصار المجتمع الاقطاعي والبطريركي الذي أبادته وتبيده يوميا الصناعة الكبرى والتجارة العالمية ووليدهما المجتمع البرجوازي. ان هذه الفئة وبأنطلاقها من مساويء المجتمع الحالي, تخلص الى نتيجة مفادها أن المجتمع الاقطاعي يجب أن يعاد بناؤه لانه خال من تلك المساويء. وجميع اقتراحاتها تصب بصورة مباشرة أو غير مباشرة في هذا الهدف. وسيهاجم الشيوعيون, بلا هوادة, هذه الفئة من الاشتراكيين الرجعيين رغم ما تزعمه من مؤاساة لبؤس البروليتاريا وما تذرفه من دموع حارة عليها, لأن هذه الفئة:
1- تتوخى امرا مستحيلا.
2- وتسعى لإعادة الارستقراطية وأسياد الجمعيات الحرفية وأصحاب المانيفاتورة وما يتبعهم من ملوك مطلقين أو اقطاعيين, ومن موظفين وجنود وكهنة, أي لإعادة مجمتع خال بالفعل من مساويء المجتمع الحالي, ولكنه ينطوي بالمقابل على مساويء اخرى توازيها على الاقل, دون أن يتيح الفرصة لتحرر العمال المضطهدين بفضل الشيوعية.
3- تظهر نواياها الحقيقية في كل مرة تصير فيها البروليتاريا ثورية وشيوعية, فتتحالف, إذ ذاك, مباشرة مع البرجوازية ضد البروليتاريا.
وتتألف الفئة الثانية من أنصار المجتمع الحالي الذين تساورهم المخاوف في شأن إمكانية الحفاظ على هذا المجتمع بسبب ما يحدثه بالضرورة من مساويء. فهم يسعون للحفاظ عليه, لكن مع إزالة المساويء المرتبطة به. ومن أجل تحقيق هذا الهدف يقترح بعضهم مجرد تدابير خيرية, بينما يقترح آخرون خططا إصلاحية فخمة يريدون منه, تحت شعار إعادة تنظيم المجتمع, الحفاظ عليه وتكريس اسسه. وعلى الشيوعيين أن يحاربوا أيضا اولئك الاشتراكيين البرجوازين بأستمرار لأنهم يعملون لصالح اعداء الشيوعيين ويدافعون عن المجتمع الذي يرمي الشيوعيون, بالضبط, الى إسقاطه.
وتتألف الفئة الثالثة, أخيرا, من الاشتراكيين الديمقراطيين الذي يحذون حذو الشيوعيين بتأييدهم لجزء من التدابير الواردة في السؤال (18), لكنهم لا يعتبرونها وسيلة انتقال الى الشيوعية بل يرون فيها إجراء كافيا للقضاء على البؤس والإطاحة بمساويء المجتمع الحالي. إن هؤلاء الاشتراكيين الديمقراطيين هم إمّا بروليتاريون لم يعوا بصورة كافية شروط تحرر طبقتهم, وإمّا ممثلون للبرجوازية الصغيرة, أي لتلك الطبقة التي لها في مجالات عديدة نفس مصالح البروليتاريا, وذلك حتى انجاز الديمقراطية والتدابير الاشتراكية الناتجة عنها. لذا سيكون على الشيوعيين أن يسعوا, في النضال العملي, للتفاهم مع الاشتراكيين الديمقراطيين وأن يختطوا معهم, قدر الإمكان, سياسة مشتركة طالما لا يعمل اولئك الاشتراكيون في خدمة البرجوازية الحاكمة ولا يهاجمون الشيوعيين. إن هذه النضالات المشتركة, كما هو معلوم, لا تنفي مناقشة الخلافات معهم.
25- س: ماهو موقف الشيوعيين من الاحزاب السياسية المعاصرة الاخرى؟
ج: هذا الموقف يختلف بإختلاف البلدان. ففي انكلترا وفرنسا وبلجيكا(6) حيث تسيطر البرجوازية, لا تزال للشيوعيين مصالح مشتركة مع الاحزاب الديمقراطية المختلفة, مصالح تزداد اتساعا بقدر ما يقترب الديمقراطيون من الهدف الشيوعي عبر التدابير الاشتراكية التي يدافعون عنها الآن في كل مكان, أي أنه كلما ازداد دفاعهم عن مصالح البروليتاريا وضوحا وحزما كلما ازداد اعتمادهم على البروليتاريا. في انكلترا مثلا, يقف الميثاقيون, المؤلفون من العمال, في مواقع هي أقرب بكثير الى الشيوعيين منها الى البرجوازيين الصغار الديمقراطيين او ما يسمى بالراديكاليين.
وفي اميركا, حيث ادخل الدستور الديمقراطي, سيكون على الشيوعيين مساندة الحزب الذي يحول هذا الدستور ضد البرجوازية ويستخدمه في مصلحة البروليتاريا. أي مساندة جماعة الاصلاح الزراعي الوطني.
وفي سويسرا, ورغم كون الراديكاليين هم انفسهم حزب شديد الاختلاط, فإنهم الوحيدون الذين يستطيع الشيوعيون التعامل معهم, واكثرهم تقدما راديكاليو ((فودوا)) و((جنيف)).
وفي المانيا, أخيرا, يتم الاستعداد للمعركة الحاسمة بين البرجوازية والملكية المطلقة. لكن بما أن الشيوعيين لايمكنهم خوض الصراع الحاسم بينهم وبين البرجوازية طالما أن هذه الاخيرة لم تستولِ على السلطة, فإن من مصلحتهم أن يساعدوا البرجوازية في الاستيلاء على السلطة في أقرب وقت ممكن تمهيدا لإسقاطها في أسرع مايمكن, وبالتالي فإن على الشيوعيين, في موقفهم من الحكومات, أن يدعموا باستمرار حزب البرجوازيين الليبراليين مع التنبه الى عدم الانزلاق في مشاطرة البرجوازية اوهامها, أو في تصديق وعودها المغرية حول النتائج المرجوة للبروليتاريا(7) من جراء انتصارها. إن الحسنات الوحيدة التي سيقدمها انتصار البرجوازية للشيوعيين ستتمثل:
1- في تنازلات مختلفة تسهل على الشيوعيين مناقشة مبادئهم ونشرها والدفاع عنها مما يمكنهم من توحيد البروليتاريا في طبقة متلاحمة, منظمة ومستعدة للنضال.
2- في التيقن من أن الصراع بين البرجوازية والبروليتاريا يبدأ في اليوم الذي تسقط فيه الحكومات المطلقة. وإبتداء من هذا اليوم ستكون سياسة الحزب الشيوعي هي ذات السياسة المتبعة في البلدان التي باتت تكحمها البرجوازية.
--------------------------------------------------------------------
الهوامش
* كتب انجلس وثيقة "مبادىء الشيوعية" ما بين 22 تشرين اول وتشرين الثاني سنة 1847.ماخوذة من كتاب مبادىء الشيوعية: مع ملحق من زمن ظهور البيان الشيوعي" من اصدارات دار الفارابي سنة 1987.
(2) يوجد في الصياغة الاصلية وغير المكتملة والمشطوبة بخط اليد, الجواب التالي:
ج-كلا. أولا- لأن الملكية الخاصة ذاتها لم تكن توجد دائما بل نشأت عبر التأريخ, من الملكية الفردية أو الاقطاعية او ملكية الجمعيات الحرفية. أما الملكية الخاصة الحديثة فقد كانت من نتاج الصناعة وهي ذلك الشكل من الملكية الذي وحده يصلح ويمكن بالنسبة لنظام المانيفاتورة ولبدايات الصناعة الكبرى, وطالما أن الملكية الخاصة لم تكن قائمة, أو أنها وجدت بشكل استثنائي, فإن إلغاءها لم يكن ممكنا.
ثانيا: إن إلغاء الملكية الخاصة, شأنه في ذلك شأن أي تغير في النظام الاجتماعي, يصبح ممكنا فقط عندما يتحول الى ضرورة من جراء نمو وتطور القوى المنتجة, غير المتوافقة مع النظام الاجتماعي السابق. فحيثما ولدت الصناعة قوى منتجة جديدة لم تكن قادرة على التكيف في إطار ملكية الاقطاع والجمعيات الحرفية في القرون الوسطى, انتجت هذ القوى الجديدة, اذ ذاك, الملكية الخاصة. والقوى المنتجة القائمة في الصناعة الكبرى, تبين يوميا وبأطراد, أن الملكية الخاصة لم تعد تلائمها ونطاقها لم يعد يتسع لها. وهكذا يصبح الغاء الملكية الخاصة ممكنا فقط عندما تبلغ القوى المنتجة الجديدة المستوى من التطور.
ثالثا-ان الغاء الملكية الخاصة يشترط من ناحية, وجود بروليتاريا كثيفة العدد وبائسة, أي وجود طبقة مضطهدة من قبل الملكية الخاصة, ويشترط من ناحية أخرى, توفر كميات ضخمة من الرساميل المتمركزة في ايدي حفنة من البرجوازيين وجود قوى منتجة سريعة التزايد. وليس على البروليتاريا سوى ان تمتلكها وتتابع تطويرها لكي تستطيع تطوير نفسها, إن قيام الملكية الجماعية الناجم عن الغاء الملكية الخاصة, هو ممكن فقط عندما ينتج ما يكفي لجميع أفراد المجتمع, وهو ويتطلب تطورا عاليا للقوى المنتجة, وتراكما بالغ الاهمية للرساميل. فهو يشترط إذن ايضا ان تكون الطبقة المضطهدة تعاني من الملكية الخاصة ذاتها, وتسعى للقضاء على هذه الملكية في سبيل تحرير نفسها, وليس لإقامتها والرضوخ لنتائجها كما حصل في عصر الاقطاع او ملكية الجمعيات الحرفية, وكلاهما حدث وكما بيَّنا, عن طريق الصناعة الكبرى, ولذا فإن القضاء على الملكية الخاصة ممكن الآن فقط. - (الملاحظة التي كان انجلس قد كتبها غير موجودة).
(4) في وثيقة ((مشروع تبني العقيدة الشيوعية)) الذي كتبه انجلس في نفس العام وأقره المؤتمر الاول لعصبة الشيوعيين في 9/حزيران/1847 يوجد جواب السؤال كالتالي:
ان قوميات الشعوب الملتزمة بمبادىء الجماعية ستجد نفسها، بفضل هذه الوحدة بحاجة الى التمازج فيما بينها وبالتالي الى حل نفسها بقدر ما ستسقط الفوارق بين الطبقات والفئات من جراء القضاء على اسبابها المتمثلة بالملكية الخاصة.
(5) في وثيقة ((مشروع تبني العقيدة الشيوعية)) الذي كتبه انجلس يوجد جواب السؤال كالتالي:
ان جميع الاديان المعروفة حتى الآن كانت تعبيرا عن مراحل من التطور التاريخي لشعوب منفردة او مجموعات من الشعوب. غير ان الشيوعية هي تلك المرحلة من التطور التاريخي الذي تجعل كافة الاديان القائمة دونما اهمية وتلغيها.
 (6) مشطوبة وبدلها: وأمـيركا.
(7) ادخلت كتعديل بدل: شعب.

بـلاغ الشـيوعية

No comments:

Post a Comment