Saturday, November 26, 2011

الماركسية


الماركسية تراث في متحف ام حاجة للانسانية من اجل مجتمع افضل

لو سمحتوا لي التدخل و المداخلة , او على الاقل التعليق على ما تقدم من أراء و أفكار و اقتراحات مطروحة للنقاش , على موضوع يظن البعض انه من مخلفات العصر الحجري او الفكر التحجري, او ربما اذا اردنا نقاش مواضيعه المتشعبة و المعقدة و اللولبية لاتهمونا بالاصولية المادية, رغم اني أظن ان الموضوع أخذ اكثر من حقه في النقاش و النقد, لا بل أسهبوا في جلده و استجادوا و احسنوا و تباهوا, و أطالوا, مدعيين مرات النقد الذاتي, و مرات اعادة التأسيس, و مرات المراجعة التاريخية للنظرية.
و اطالوا و اسهبوا و لم يكلوا ابدا".
فأقتصر كلامهم و حديثهم على الاحرف العقيمة فأسروا النظرية في كنف اللاهوت و الايديولوجية الميتافيزيقية فقط, و ابعدوها عن اهلها و جمهورها التي خلقت ووجدت من اجلهم الاف السنين الضوئية.
للاسف.كان هذا الفكر فكرنا, فكر الطبقة العاملة. الفكر الماركسي.
اظن انهم اجادوا في اسرنا نحن الماركسيين في فكرنا, و نجحوا كذلك في ابعاد الفكر عن طبقته العاملة, و عن الجماهير.و خدموا بذلك من دون ان يدرون اعداءنا الطبقيين.
و كان هذا في كل العالم, و ليس فقط في المنظومة الاشتراكية, رحمها الله, و العالم العربي.
ليس جديدا" على الفكر الماركسي أن يجابه الواقع الاجتماعي المتميز في حركة تطوره التاريخي في فجاءاته و تغيراته. بل يمكننا القول انه ولد و تكون و تطور في رحم هذه المجابهة. و ما طابعه المادي الذي تأكد في نقد الفكر المثالي الهيجلي و الاقتصادي البرجوازي بوجه خاص سوى نتيجة هذه الضرورة في ان يكون قادرا" على تفسير العالم و تاريخه تفسيرا علميا".
ميزة هذا الفكر هي ان يكون فكرا" مناضلا", او لا يكون.
 ان الماركسية ليست كتاب في متحف الفكر النظري فقط, بل ان الماركسية تتعلم من مدرسة الجماهير العملية. معنى هذا ان التحام النظرية الماركسية بالحركة الثورية اساسي لوجودها كنظرية علمية, و العكس صحيح.
يقول لينين: لا حركة ثورية بلا نظرية ثورية.
 و النظرية الماركسية ثورية, ليس فقط لانها نظرية الثورة, بما تعنيه الثورة من انتقال ضروري من الرأسمالية الى الاشتراكية بل لانها ايضا, و بالدرجة الاولى, علمية, اي انها علم التاريخ في حركة انتقاله هذه.( مهدي عامل.)
و العالم العربي, كغيره من بلدان العالم, يسير في واقعه الراهن في خط هذه الحركة الكونية و في افقها, لا يشذ ولا يتفرد عنها , الا في وهم الباحثين عن الخصوصية, من اسياد الايديولوجية البرجوازية و اتباعها.
تارة تكون الخصوصية هذه, عربية, او عندما تتصدع هذه, تصبح الخصوصية اسلامية, و تارة تكون مارونية او شيعية او درزية... و ربما كانت عند بعضهم قبطية او حتى متوسطية, او قومية, فهي تضيق حينا" و تتسع حينا" اخر و يبقى المبدأ منها واحدا": رفض العقل العلمي و مبدأ كونيته.
هكذا يتفتت العقل في ذرات قومية ينغلق في كل منها على خصوصية لا ينفتح فيها الا على ذاته. و ظيفة كل منها ان تلغي التاريخ و قلق حركة التغيير فيه, حتى يصير التاريخ, بالوهم, تكرارا" يكبت الجديد فيه و يحول دون ولادته. هكذا يصير لكل خصوصية عقلها الذي هو لها مطلق لا يتغير, فطريق الذات الى المستقبل هو هو طريق حاضرها الى ماضيها الذي هو نموذجها الاول. اليس هذا ما يحصل اليوم في عالمنا العربي؟.
لذا  كان لاوروبا عقل اوروبي خاص بها, و علم اوروبي و معرفة اوروبية, و كان لليابان عقل ياباني و علم ياباني, و معرفة يابانية, وللصين كذلك, ولروسيا او ايطاليا الخ...
فشل الماركسيون في العالم في استعمال السخرية اداة للنقد, و بالاخص في نقد الفكر الديني, في مفاهيمه المختلفة و المتعددة, و لا بل هناك من ادعى خصوصية الماركسية العربية او الاسلامية. كما ادعوا ايضا خصوصية العلوم الفيزيائية او الكيميائية الخ...
السخرية في النقد تترك الحرية لهذا الفكر الظلامي بالتحرك و التوسع في حدود منطقه و بحسب منطقه, و هذا ما يحصل او ما قد حصل, في عالمنا العربي, فالقضية التاريخية الخاصة الاساسية التي يطرحها مثل هذا الفكر, ليست قضية تحديد الشروط التاريخية الخاصة بواقعنا الاجتماعي التي فيها تتحقق سيرورة التغيير الثوري في الانتقال الكوني من الراسمالية الى الاشتراكية, بل انها قضية تأمين الشروط الاساسية الضرورية لتحقيق سيرورة( الاستمرارية التاريخية) ل الخصوصية العربية او الاسلامية, بما تعنيه هذه الخصوصية. من وجود اسطوري لجوهر ثلبت لا يتماثل بذاته الا لانه من خارج التاريخ, اقوى منه و من تغيراته المادية التي هي العارض قياسا" على الجوهر, و ما تعنيه من حركة يتكرر فيها الجوهر.
لكن التاريخ الفعلي اقتحم, في حركته المادية, في لحظة معينة, ميدان حركة التكرار هذه, لما دخل النظام العالمي الراسمالي في تطوره الامبريالي الكاسح, فاحدث في تلك الاستمرارية التاريخية انقطاعا" تعطلت فيه حركة تكرار الجوهر, و انفصل اولها الذي هو الاصل عن حاضرها الراهن.
 هكذا تكتمل دائرة الزمن الجوهري و تنغلق على ذاتها في عودة الحاضر الى اوله, اي ماضيه الاصيل الذي هو نموذج مستقبله. انه زمن الاصالة و الاصولية و الخصوصية!!!
اذا تركنا الاسطورة و جوهرها جانبا", و عدنا الى التاريخ الفعلي و حركته المادية, و جب علينا القول ان واقع مجتمعاتنا العربية هو انها خاضعة للسيطرة الامبريالية, بوجودها في شبكة علاقات النظام الراسمالي العالمي, كما يتجلى لنا يوميا", و الامثلة متعددة, و لا سبيل لها الافلات من القوانين الكونية التي تحكم التاريخ المعاصر, و ازماته الراهنة, و احتتضار الامبريالية فيه بعرس شهوتها و نشوتها. و حركته التي هي حركة الانتقال الى الاشتراكية.
لذا كانت حركة التحرر الوطني في جوهرها حركة هذا الانتقال نفسه, و سيرورتها سيرورته, و كان الصراع الطبقي فيها هو هو الصراع الوطني, و لا فصل فيه لوجه منه عن اخر, و لا تغليب لهذا على ذاك الا في الايديولوجية البرجوازية. و بتعبير اخر ان التلازم في حركة التحرر الوطني بين العداء للامبريالية و العداء للراسمالية قائم بالضرورة.
و هنا كانت المشكلة!
 و كيف كان على النظرية و اربابها, و احزابها, ان يثبتوا جدارتهم بان يصير فكرهم: ايديولوجية الثورة التحررية الوطنية.في المجال النظري و السياسي معا", و بما انها ايديولوجية الطبقة العاملة بالذات, و موقع و دور هذه الطبقة في سيرورة الثورة التحررية الوطنية, و دور التحالف الطبقي الثوري و طبيعته فيها. و موقع الطبقة العاملةفي هذا التحالف, من حيث هو موقع الطبقة المهيمنة النقيض.
للاسف لحق بالنظرية الماركسية الكثير من التشويه و الانحراف في مماراسات الحركة الشيوعية العربية, او بعض احزابها, في الماضي و الحاضر, و لعل يمكننا الرجوع في نهاية التحليل, الى طغيان الايديولوجية البرجوازية و البرجوازية الصغيرة, في ظهورها مظهر الايديولوجية القومية في تلك الممارسات.
و هكذا تم الغاء الدور القيادي للطبقة العاملة, ونظريتها الماركسية, و خطها الوطني الثوري في حركة التحرر الوطني, على حساب الطبقة البرجوازية و نظريتها القومية و خطها الرجعي. حتى في ممارسات بعض الاحزاب الشيوعية العربية. و غلبة الفكرة الثانية على الاولى خلقت الالتباس عند الكثيرين من الرفاق.
النظرية ايها الرفاق و انتاجها عملية مستمرة و متجددة بتجدد الشروط التاريخية الخاصة بتحقيق السيرورة الثورية.
. انها حركة تغيير العالم و انتقاله من الراسمالية الى الاشتراكية.
وكل يوم يأتي يتجدد اصراري على ضرورة التغيير, و لا بد للتغيير, من اجل عالم افضل.
                        د. جان الشيخ

No comments:

Post a Comment