النظرية الحديثة في الاستعمار ج 2 - كارل ماركس

النظرية الحديثة في الاستعمار ج 2 

النظرية الحديثة في الاستعمار ج 2

كارل ماركس

  

ان هذا التحول غير المنقطع للشغيلة الماجورين الى منتجين احرار يعملون لحسابهم الخاص وليس لحساب الراسمال ويغتنون هم انفسهم بدلا من اغناء السيد الراسمالي هذا التحول يؤثر تاثيرا سيئا على حالة السوق وبالتالي على معدل الاجر . وليس فقط تبقى درجة الاستثمار منخفضة انخفاضا فاضحا بل ان الشغيل الاجير يقفد ايضا مع فقدانة التبعية الحقيقية كل شعور من مشاعر الخضوع ازاء الراسمالي . ومن هنا منشا جميع المصاعب والاضرار التي يصورها لنا صاحبنا الممتاز وايكفيلد . على نحو متساو من التاثير والبلاغة . يقول : ان عرض العمل الماجور ليس ثابتا ولا منتظما ولا كافيا وليس هو دائما ضعيفا جدا وحسب بل هو كذلك غير مضمون غير محقق ..1 ورغم ان المنتوج الذي ينبغي تقسيمة بين الراسمالي والشغيل هو عظيم جدير بالاعتبار فان هذا – أي الشغيل - ينال منة حصة يبلغ من ضخامتها انة سرعان مايصبح راسماليا .. ومقابل ذلك ليس ثمة سوى عدد قليل يستطيعون تجميع ثروات كبرى حتى حينما تتخطى مدة حياتهم بزمن طويل الحد المتوسط ..2
ان الشغيلة لايسمحون قط اطلاقا للراسمالي بان يمتنع عن ان يدفع لهم ثمن الشطر الاكبر من عملهم وحتى حينما تكون عندة الفكرة الممتازة بان يستورد من اوربة مع راسمالة الخاص شغيلتة الاجراء المختصين بة فهذا لايفيدة شيئا .
فسرعان مايكفون عن كونهم شغيلة اجراء لكي يصبحوا فلاحين مستقلين او حتى لكي يزاحموا مستخدميهم السابقين وذلك بانتزاعهم منهم في السوق الايدي العاملة التي تعرض ذاتها ...3
فهل يمكن ان يتصور الانسان شيئا اكثر اثارة ؟ لقد استورد الراسمالي الهمام من اوربة بمالة الغالي هو نفسة استورد هو نفسة مزاحمية بلحمهم وعظمهم : وتلك هي _ اذن - نهاية العالم : وليس ثمة مايدهش في ان وايكفيلد يشكو من نقص الطاعة وفقدان النظام عند عمال المستعمرات وانتفاء الشعور بالتبعية .
لقد حمل ارتفاع الاجور في المستعمرات الى درجة الحماسة الوجدانية العنيفة الرغبة في الحصول على عمل ارخص سعرا واكثرا خضوعا تقوم بة طبقة يستطيع الراسمالي ان يملي عليها الشروط بدلا من ان يراها هي تملي علية الشروط ... ان الشغيل في البلاد ذات الحضارة العريقة هو على رغم كونة حرا خاضع للراسمالي وتابع لة وذلك بفضل قانون طبيعي ( ) اما في المستعمرات فهذة التبعية يجب ان تخلق بوسائل مصطنعة

فماهي – اذن – في المستعمرات نتيجة نظام الملكية الخاصة السائد المؤسس على العمل الخاص لكل انسان بدلا من ان يكون مؤسسا على استثمار الاخرين .؟
انة نظام بربري متوحش يشتت المنتجين ويجزى الثروة الوطنية ...1 .
ان تشتت وسائل الانتاج بين ايدي ما يحصى من المنتجين الملاكين الذين يعملون لحسابهم يلاشي التمركز الراسمالي في الوقت نفسة الذي يلاشي فية الراسمالي لكل نوع من انواع العمل المركب . ان جميع المشروعات الطويلة المدى التي تشمل سنوات كثيرة وتقتضي تسليفات ضخمة من الراسمال الثابت تصبح مبهمة وفي اوربة لايتردد الراسمال لحظة في مثل هذة الحالة ذلك لان الطبقة العاملة هي ملكة الحي . الموضوع تحت تصرفة دائما والذي هو دائما فائض الوفرة . اما في البلدان المستعمرة فان ويكفيلد يرزي لنا في هذا الخصوص نادرة ومؤثرة فقد كان يتحدث مع بعض راسماليي كندا وولاية نيورك حيث تبقى غالبا موجات الهجرة راكدة وتدع رواسب من الشغيلة وقد تنهد احد اشخاص هذة الميلودراما قائلا : لقد كان راسمالنا متاهبا بالفعل لكثير من العمليات التي يقتضي تنفيذها حقب طويلة من الزمان : ولكن ماهي الوسيلة للشروع في أي عمل مع عمال سرعان مايديرون ظهورهم لنا كما راينا ؟: فلو اننا كنا متاكدين من قدرتنا على تثبيت هؤلاء المهاجرين اذن لاستخدمناهم ونحن فرحون على الفور وباجور مرتفعة وعلى الرغم من تا كدنا باننا سوف نفقدهم فاننا كنا نستخدمهم رغم ذلك لو استطعنا الاعتماد على من يحلون محلهم بمقدار ماتدعوا الحاجة ....2
وبعد ان ابرز بلهجة مخفخمة تضاد الزراعة الراسمالية الانجليزية ذات" العمل المركب " مع الاستثمار المجزاء للفلاحين الاميركيين يظهر وايكفيلد باطن الامر مرغما فهو يصف لنا السواد الاعظم من الشعب الاميركي بوصفة مستقلا ميسورا عازما نشيطا ومثقفا بالنسبة الى غيرة من الشعوب على حين ان العامل الزراعي الانجليزي هو بائس يرتدي الاسمال ومتسول _ ففي أي بلد - باستثناء اميركة الشمالية وبعض المستعمرات الجديدة تتجاوز اجور العمل الحر المستخدم في الزراعة ولو تجاوزا ضئيلا وسائل المعيشة ذات الضرورة القصوى بالنسبة الى الشغيل ؟

ومن المؤكد ان جياد الحراسة في انكلترة تلك الجياد التي تشكل بالنسبة الى اصحابها ملكية ذات قيمة كبيرة جدا تنال تغذية افضل كثيرا من تلك التي ينالها العمال الريفيون ..1
ولكن سيان ومرة ثانية نقول : ان ثروة الامة وبؤس الشعب هما من حيث طبيعة الاشياء متلازمان لاينفصلان .
والان ماهو علاج هذا القرح المضاد للراسمالية في المستعمرات ؟ اذا كان يراد ان تحول دفعة واحدة الارض المستعمرة كلها من ملكية عامة الى ملكية خاصة لامكن القضاء والحق يقال على الداء من جذورة ولك يقضي بذلك ايضا في الوقت نفسة على المستعمرة فالفن كان كلة يكمن في اصابة عصفورين بحجر فعلى الحكومة ان تبيع – هذة الارض العذراء بسعر مصطنع تقوم هي بتحديدة رسميا دون مراعاة لقانون العرض والطلب فالمستوطن سوف يكون على هذا النحو مرغما في العمل بمثابة شغيل ماجور مدة طويلة الى حد ما الى ان يتوصل من كسب مقدار كاف من المال يمكنة من شراء حقل ويمكنة من ان يصبح فلاحا مستقلا ...2 ان الاموال المحصلة من بيع الاراضي للشغيل المستوطن بسعر حظري او تحريمي تقريبا ( أي سعر يختص بة وحدة دون سواة ) هذة الاموال التي تقتطع من الاجر رغما عن قانون العرض والطلب المقدس سوف تستخدم كلما زادت ونمت من قبل الحكومة لاستيراد صعاليك من اوربة الى المستعمرات وذلك من اجل ان يجد السيد الراسمالي سوق العمل دائما حافلة بالايدي العاملة على نحو وافر . ومنذ ذلك الحين سوف يكون الحال كافضل مايكون في افضل المستعمرات الممكنة هذا هو السر العظيم " لعملية الاستعمار المنظم " ويهتف وايكيفيلد مطلقات صيحة الظفر :
بواسطة هذا المخطط سوف يكون حتميا عرض العمل ثابتا ومستمرا ومنتظما : والواقع انو اولا نظرا لانة ما من عامل سوف يكون قادرا على الحصول على الارض قبل ان يكون قد اشتغل لقاء النقد فجميع المهاجرين المستوطنين بسبب انهم سوف يعملون بمثابة شغيلة اجراء في جماعات مندمجة مركبة سوف ينتجون لسيدهم صاحب العمل راسمالا يجعلة في حالة يستطيع معها ان يستخدم ايضا مزيدا من الشغيلة :
ثانيا ان جميع اؤلئك الذين يغيرون وضعهم بوصفهم اجراء فيصبحون فلاحين عليهم ان يقدموا في الوقت نفسة بشراء الاراضي المشاعة العامة اموالا اضافية مخصصة لاستجلاب شغيلة جدد الى المستعمرات

ومن الطبيعي ان سعر الارض التي تمنحها الدولة يجب ان يكون كافيا يعني مرتفعا بصورة كافية . لمنع الشغيلة من ان يصبحوا فلاحين مستقلين قبل ان يكون قد تم مجى اخرين ليحلوا محلهم في سوق العمل .....1 فهذا "السعر الكافي للارض" ليس هو - اذن - بعد انعام النظر الا تعبيرا مجازيا يخفي الضريبة التي يدفعها الشغيل للراسمالي لكي يحصل الاول على الاذن بالانسحاب من سوق العمل والذهاب الى الريف فعلية بادى بدء ان ينتج راسمالا لسيدة الظريف لكي يستطيع هذا استثمار عدد اكبر من الشغيلة ثم علية ان يقدم بديلا عنة في السوق ترسلة الحكومة على نفقة ذلك الشغيل لخدمة هذا السيد الرفيع صاحب النفوذ والجاة .
ثمة واقع لة حدود حقا وهو ان الحكومة الانجليزية قامت خلال عدد كبير من السنين بتطبيق هذة الطريقة من طرائق التراكم الاولي التي اوصى بها وايكيفيلد لاسخدامها بصورة خاصة في المستعمرات . ولقد كان الاخفاق التام كاملا ومخجلا تماما شانة " القانون الخاص بالبنوك " الذي وضعة السير روبرت بيل ...2 لقد تحول تيار الهجرة بكل بساطة عن المستعمرات الانجليزية نحو الولايات المتحدة . ومن ذلك الحين فان تقدم الانتاج الراسمالي في اوربة نظرا لما يرافقة من ضغ حكومي متعاظم دوما قد جعل ترياق وايكيفلد الناجع الذي يشفي جميع الامراض باطلا لاطائل منة فمن جهة يخلف التيار البشري اتلذي يندفع كل عام عارما جبارا متواصلا نحو اميركة يخلف رسوبات راكدة في شرق الولايات المتحدة في حين ان موجة الهجرة المنطلقة من اوربة تطرح في سوق العمل مقدارا من الرجال اكبر مما لاتستطيع الموجة الثانية من الهجرة ان تحمل نحو" الغرب الاقصى " الفار وست ومن جهة اخرى فقد جرٌت الحرب الاهلية الاميركية في اثرها دينا قوميا هائلا والابتزاز الضريبي نشوء طبقة ارستقراطية مالية من اكثر الطبقات خسة ودنائة واقطاع شطر كبير من الاراضي المشاعية العامة لشركات من المضاربين تقوم استثمار الطرق الحديدية والمناجم الخ .. وبكلمة موجزة تمركز الراسمال باسرع تمركز ممكن اذن لقد كفت الجمهورية الكبرى عن ان تكون ارض الميعاد بالنسبة الى الشغيلة المهاجرين . والانتاج الراسمالي يسير هناك بخطى العمالقة خصوصا في الولايات الشرقية وان كان انخفاض الاجور وعبودية الشغيلة مايزالان بعيدين عن كونهما بلا المستوى الاوربي العادي

ان الهبات من الاراضي البور في المستعمرات التي اغدقتها الحكومة الانجليزية اغداقا مسرفا على الارستقراطيين والراسماليين قد فضحها وايكيفيلد نفسة جهارا وبقوة . انها بالاضافة الى الموجة المتواصلة من االباحثين عن الذهب وبالاضافة الى المزاحمة التي يفرضها استيراد البضائع الانجليزية على اصغر الحرفيين في المستعمرات . انها قد منحت استراليا فائضا نسبيا من السكان اقل توطيدا بكثير منة في اوربة ولكنة كبير الى حد انة في بعض الفترات كلما جاءت سفينة تاتي معها بالنبا السي. نبا اضطراب سوق العمل الاسترالية وازدحامها .
وان البغاء ينتشر هناك مزدهرا كما هو مزدهر في سوق " الهاي ماركت " في لندن ...1
ولكن ما يهمنا هنا ليست هي الوضعية الحالية للمستعمرات بل السر الذي اكتشفة الاقتصاد السياسي للعالم القديم في العالم الجديد وافشاة بسذاجة في مؤلفاتة عن المستعمرات واليك بهذا السر : ان اسلوب الانتاج والتراكم الراسمالي وبالتالي الملكية الخاصة الراسمالية يفترضان مسبقا ازالة الملكية الخاصة المؤسسة على العمل الشخصي واساسها هو نزع ملكية الشغيل . انتهى

1- ما ان نالت استراليا استقلالها الذاتي حتى اعلنت طبعا قوانين ملائمة للمستعمرين غير ان تبديد الارض الذي سبق ان ائمتة الحكومة الانجليزية قطع عليها الطريق " ان الغرض الاول والرئيسي الذي يرمي الية القانون الجديد الخاص بالارض والصادر عام 1862 هو خلق تسهيلات عظيمة اكثر فاكثر لاقامة السكان

. المصدر .
راس المال . نقد الاقتصاد السياسي . كارل ماركس
الجزء الثالث. القسم الثاني ترجمة محمد عيتاني
منشورات مكتبة المعارف في بيروت