Tuesday, July 3, 2012

مقدمة في العمل الجماهيري

مقدمة في العمل الجماهيري


 مقدمة في العمل الجماهيري
كتبه : ميلاد سليمان
       لو حابب تعمل توعية سياسية بجد!؟، والتكاليف بتشكل لك تحدي صعب، لأنك مش مشهور، وصعب حد يتبنى الفكرة أو يمولها، وجهودك الذاتية غير كافية من الأساس، ولو مش حابب تشتغل بشوية شعارات أو مثاليات وأنت قافل على نفسك غرفتك قدام الكمبيوتر!؟، لأنك عندك حاجة ممكن تقدمها جديدة وممكن تغيّر فعلا!؟، الأول كبّر دماغك من الإنترنيت... وسيبك من البيانات والمنشورات... يعني المجلات الدورية والقنوات الأعلامية أنساها، وأنزل الشارع، بس أنزل وكلم الناس مباشرة، من غير ما تخاف أو تتردد، المهم تكون مستعد بجد، وفيه مادة حقيقية حابب تقدمها لهم.
     جرّب على نفسك أولا، في محيطك الضيق، يعني أنت عندك الآن مجموعة أفكار ومبادئ أنت مقتنع بيها وحابب لها البقاء والإنتشار، حاول تكتبها بطريقة مُبسطة، في ورقة مثلا، واقراها لنفسك، أو إديها لحد من أصحابك يقراها لك، وشوف أنت فهمت منها إيه!؟، ممكن تخليها مقال بسيط بس يكون بدون كلام صعب أو مصطلحات ممكن تتفهم بأكثر من معنى، أو ينفع تعمل فيديو على يوتيوب وتشوف عدد المشاركات والتعليقات والمشاهدات، حاول تعرف ردود فعل الناس المختلفة تجاه كلامك، وشوف هيأثر فيهم إزاي طرحك للموضوع دا، وممكن نقط النقد التي توجه لك تعتبرها ملاحظات لازم تعمل لها ألف حساب عشان تعرف تحسن مستواك بعد كدا.
    في الحيز الضيق من أسرتك ممكن تحاول تنشر التوعيه، بس من غير ما تقول لهم أنهم حقل تجارب، حاول أثناء الفطار أو الغدا تفتح موضوع، بس مش يكون يسد النِفس طبعًا،  اسأل ماما أخبار السوق والخضار والفاكهه إيه النهاردا!؟.. أو اسأل أخوك المواصلات كانت عامله معاه إيه وهو راجع من الجامعة!؟، أو إسأل أختك عن التحرشات أو المضايقات في الشارع أو في المدرسة!؟ جمع منهم الإجابات المختلفة وحاول تربط بينها في خط واحد واضح، بحيث يكون مش صعب أن كل واحد منهم يقول رأيه دون حرج أنه مش فاهم أو صعب عليه الفكرة. وحاول في النهاية توصل لهم فكرتك وتشوف على وجههم ردود أفعالهم وإستجابتهم معاك. وكل مرّة حاول تقيم نفسك من خلالهم.
    في مكان عملك ممكن تحاول تعمل نفس الشيء، بس دون تقصير في أداء العمل ومواعيده، كلم زمايلك عن الوجبة المستحقة، عن المُرتب، عن المعاشات، عن الرحلات الترفيهية، عن التأمين الصحي، وحاول تكون في طريقة عرضك مش بتشرح أو بتوجه حد لحاجة معينة، يعني مش بتحشد بشكل مباشر، أنت بتحاول توصل لحل زيك زيهم بالظبط، أنت مش أحسن منهم وهم مش أقل منك، وضح لهم يعني إيه مطالب حقيقية، يعني إيه حقوق وواجبات، إيه هي النقابات العمالية، بسط لهم علاقة الإنتاج بالقيمة والسعر، وضح لهم أن الربح والفائض له علاقة بالمرتبات والأجور.
 
     في المواصلات، سواء كنت في المترو، أو الأتوبيس، أو حتى الميكروباص، ولو الجو يسمح أنك تتكلم، وشعرت أن الشخص اللي معاك ممكن يسمع وحابب كدا، إفتح أي موضوع ببساطة، ولكن بدون تذاكي أو سخرية منه مهما كانت ردوده، لو وقفت السيارة عند محطة معينة وأتأخرت، أو مثلا زحمة الطريق في الشارع، إسأل شخص جنبك عن مواعيد المواصلات، عن سبب الزحام في الشوارع، عن سرقة السيارات، عن الإنفلات الأمني، عن دور الشرطة في حفظ المنشآت، حاول توضح له أن فيه دستور وقوانين وعقد بين الحاكم والمحكوم، وأنك ممكن تقدم شكوى ضد أي شخص داخل الدوله مهما كان منصبه أو مكانته، وضح له أنه مواطن ومش ريشه يطوحها النظام بعصايته وقت ما يحب.
     في الشارع سهل جدًا تحتك بأكبر عدد من الناس  وتقابل أشخاص من مختلف الطبقات والأطياف، وأنت في سوبر ماركت، أو في سنترال، أو صالون حلاقة، أو المخبز، أو حتى محل ألعاب، فكرة بسيطة تطلقها كالسهم، كافيه أن تجعل الشخص اللي هيستقبلها يفكر فيها طوال اليوم، وممكن يسأل عنك، ولو يعرفك ينادي عليك عشان تفهمه أو توضح له كنت تقصد إيه بكلامك دا، ركز على النواحي الإجتماعية اللي بتلمس حياة الناس مباشرة، الإحتياجات الحقيقية اللي صعب حد يختلف عليها أو يقول أن بتفتري على جهة معينة في مناقشتها، اتكلم في الاقتصاد والموارد وكيفية استثمارها والتفاعل معها في المؤسسات، عن فرص العمل والبطالة، عن دور الشباب في بناء مستقبل الوطن.
     في المقهى يكون الكلام في حيز الجلسة المُحيطه بك، سواء من أصدقائك أو من تعرفت عليهم أثناء تواجدك هناك. في جلوسك على المقهى حاول لفت إنتباه من يجلسون معك وتريد محاورتهم في نقطة معينة من خلال إثارتها كسؤال، أو تشير إليها في جريدة يمسكها أحدهم أو كتاب على المنضدة، أو في لافتة مُعلقة في الشارع، أو خبر في التليفزيون، ناقش الموضوع ببساطة ودون إطالة في جو من المرح والتعاون المشترك للوصول لنقطة إتفاق بين الجميع. وأخيرًا احترس من أن تتحول إلى سياسي من "مُثـقفي المقاهي" كما يفعل بعض النشطاء حين اصبحت هناك مقاهي معينة تعرف بالإسم بتواجد نشطاء معينين عليها وكأنها تحولت إلى مكان عملهم!!؟..
 
   نعم، أنت تستطيع فعل كل ذلك ببساطة، ودون أي تكاليف، بل ودون الإعتماد على حزب أو حركة أو جبهة أو مؤسسة، كله جهد فردي خالص يسعى للتغيير والتنوير.
 
  

No comments:

Post a Comment