Wednesday, April 4, 2012

الاعلام المصري بعد الثورة يدعم النظام القائم ويحمي الفاسدين

الاعلام المصري بعد الثورة يدعم النظام القائم ويحمي الفاسدين


تقرير حقوقي: الاعلام المصري بعد الثورة لا يختلف عما قبلها
رؤية – إبراهيم طاحون
القاهرة - أقامت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أمس الثلاثاء، مؤتمرا صحفيا لاستعراض نتائج التقرير الذي صدر لمتابعة الإعلام المصري خلال المرحلة الانتقالية تحت عنوان "التغطية الاعلامية للمرحلة الانتقالية في مصر من يوليو 2011 حتى يناير 2012" وحضر المؤتمر كل من جمال عيد المدير التنفيذي للشبكة العربية وأحمد عبد الحفيظ نائب رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ونفيسة الصباغ الباحثة والكاتبة الصحفية، حيث استعرض كل منهم جانبا مختلفا من جوانب التقرير.
فكرة المشروع ومنهج الرصد
أوضح جمال عيد أن فكرة المشروع انطلقت من أهمية متابعة التغطية الإعلامية لوسائل الإعلام المصرية في هذه المرحلة الحرجة التي تعيشها مصر وتقييم الطريقة التي تتم بها تغطية الأخبار لأهم ثلاثة قطاعات أو محاور سوف يكون لها الدور الحاسم في تشكيل المرحلة المستقبلية، مشيرا إلى أن المشروع انطلق بالتعاون بين ثلاث مؤسسات حقوقية الأولى هي منظمة دعم الإعلام الدولي بالدنمارك والثانية هي الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان والثالثة هي المنظمة المصرية، وكان على الشبكة العربية أن ترصد وتراقب تغطية الإعلام المصري لمحورين هما المجلس العسكري والقضاء كمحورين منفصلين وراقبت المنظمة المصرية تغطية وسائل الإعلام للأحزاب السياسية والانتخابات كمحور واحد، مضيفا أن عملية الرصد بدأت في يوليو الماضي وانتهت في يناير الماضي، وبعدها تم إصدار هذا التقرير الذي عرض لمجموعة كبيرة من النتائج والإحصائيات.
وقال عيد أن المشروع رصد 12 عينة روعي في اختيارها التنوع والاختلاف لكي تكون النتائج أكثر موضوعية فتم اختيار خمس صحف تنوعت بين الحزبية والقومية والخاصة (الأهرام والأخبار والمصري اليوم والشروق والوفد) وأربع مواقع الكترونية (البديل وبوابة الأهرام واليوم السابع ومصراوي) وثلاث برامج من الإعلام المرئي (بلدنا بالمصري على قناة أون تي في والعاشرة مساء على قناة دريم2 ومباشر من مصر على الفضائية المصرية).
واعتمدت منهجية الرصد والمراقبة على رصد ما تنشره هذه الوسائل عن المحاور الثلاثة السابقة بطريقتين الأولى الرصد الكمي الذي يقيس المساحات أو عدد الكلمات أوالمدة الزمنية في الصحف المطبوعة والانترنت والميديا على التوالي ثم الرصد الكيفي الذي يجيب فيه الباحثون والمراقبون عن عدد من الأسئلة التي تبين ما إذا كانت الوسيلة الإعلامية موضوعية أو غير موضوعية وهل تحيزت لطرف دون آخر.. إلخ من هذه الأسئلة التي يجيب عنها الراصدون بشكل يومي متكرر ومن فريق مكون من خمسين راصدا.
حقائق مفزعة
أكد جمال عيد أن نتائج التقرير أثبتت أن الإعلام المصري لم يغادر محله منذ ما كان عليه أيام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك فوسائل الإعلام المصرية تعاملت بشكل متحفظ مع المجلس العسكري والقضاء وكان الاختلاف فقط في نسبة هذا التحفظ فبينما كانت صحيفتي الاهرام والأخبار منحازة تماما تجاه المجلس العسكري حتى في لحظات مهمة مثل أحداث ماسبيرو حاولت الشروق والمصري اليوم أن تكون أكثر حيادا وارتفعت فيهما نسبة النقد للمجلس العسكري بينما كان موقف مصراوي قبل أحداث ماسبيرو متحيزا للمجلس العسكري ثم بدأ في انتقاده بعد ذلك وخلاف هذا كانت كل الوسائل الإعلامية تقريبا مشتركة في أنها أكثر حيادا بمعنى أنها لم تتبن موقفا لا سلبيا ولا إيجابيا في كثير من المواد التي تم رصدها.
وأكد عيد أن الإعلام المصري وفقا لنتائج الرصد ووفقا للعينات التي تم اختيارها أكد أنه استبدل المشير طنطاوي بمبارك ولم يغير شيئا في سياساته الإعلامية إلا أنه من ناحية أخرى أوضح أن المسئولية لا تقع فقط  على عاتق الإعلام والإعلاميين لأن المشكلة الأكبر هي غياب الأرادة السياسية التي ترفض تطوير وتحسين أداء وسائل الإعلام المصري، موضحا أن هذا الأمر يعتبر تحديا كبيرا ولكن حتى تتوفر هذه الإرادة فعلى المؤسسات الإعلامية أن يكون لها دور ورغبة داخلية للقيام بهذه الخطوة المهمة.
الحياد الوهمي وإغواء القراء
أوضحت نفسية الصباغ أن ارتفاع نسبة الحياد التي وصلت إلى 86% كحد أدنى و95 % كحد أقصى من النتائج التي توصل إليها التقرير لا تعني أن الإعلام المصري إعلام محايد أو موضوعي في تغطيته للأخبار لأن هذا النوع من الحياد الموجود في الإعلام المصري وعينات الرصد ليس إلا حيادا وهميا ومزيفا، فالمشكلة في الصحافة والإعلام لا تكمن في تقديم الخبر بحياد وإنما في اختيار الخبر نفسه وطريقة تقديمه للقارئ والمشاهد فقد يكون التعبير عن الخبر أو الحدث بصورة حيادية تامة ومع ذلك يكون له تأثير إما سلبي أو إيجابي على القارئ دون أن يدري لذلك سبيلا، وهي مشكلة تتعلق بجزء منها في المهنية واخطائها الصحفية التي يقع فيها كثير من الصحفيين المصريين وجزء يتعلق بالإرادة والرغبة في إغواء القارئ وجره تجاه مناطق بعينها تريد الوسيلة الإعلامية جره إليها.
قضايا غائبة: المرأة والأقليات
وأوضحت الصباغ أن أحد المشكلات الرئيسية التي رصدتها نتائج التقرير تمثلت في غياب الاهتمام التام بالمرأة على كافة الأصعدة وغياب الاهتمام بالأقليات باعتبارها جزء مهم من الدور الذي يجب أن يقوم به الإعلام، فالنسبة للمرأة أوضحت أن حضور المرأة في المحاور الثلاث "المجلس العسكري والقضاء والانتخابات والأحزاب" كان حضورا يكاد يكون منعدما فكل المحللين السياسيين وحتى المشاركات للقراء والمشاهدين يقوم بها رجال والحديث عن دور المرأة في الأحزاب والقضاء كان شبه غائب كلية وهو أمر لا يمكن أن يحاسب عليه أحد سوى الإعلام المصري نفسه.
أما فيما يتعلق بالأقليات فقد أوضحت الكاتبة الصحفية أن الدور الأساسي لأي وسيلة إعلامية هو الاهتمام بقضايا المواطن والحديث عن مشكلاته وقضاياه التي تشغل المجتمع وتؤرقه وأهم القضايا التي تشغل المجتمع المصري هي حقوق الأقليات سواء كانوا أقباطا أو جماعات سياسية أو محتجين مشيرة إلى أن الاهتمام بهذه الفئات كان شبه منعدما وكان التركيز بشكل أساسي على الخبر ومتابعة الخبر وتحليل الخبر وما ينتج عنه من تكرار لا نهائي للخبر ذاته في حلقة مفرغة تبعد القارئ عما يتحكم في الأخبار وما يحركها بالأساس وإلهاء في نفس الوقت للمواطنين عن القضايا الأهم التي يجب أن تشغلهم، مشيرة إلى أن الإعلام المصري كان بشكل عام مهتما بالخبر مهما كان سطحيا ولم يهتم بالعلاقات المركبة والتحالفات وصراعات المصالح التي تنتج الخبر كما أنه لم يهتم بالأبعاد الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية التي تمثل المكون الرئيسي لأي حدث تلك الأبعاد التي كانت السبب الرئيسي لاندلاع ثورة 25 يناير.
بقعة ضوء
بين هذا الظلام الذي أنتجه الإعلام المصري ظهرت شبه بقعة ضوء وحيدة تمثلت بشكل أساسي في برنامج بلدنا بالمصري على قناة أون تي في الفضائية المصرية حيث أوضحت الصباغ أن هذا البرنامج كان مهتما بشكل أساسي بتحليل الأخبار والقضايا والأحداث المهمة ليكون وسيلة للمشاهد يفهم من خلالها الأمور بدلا من أن تكون وسيلة تشغله وتجعله يدور في حلقة السجال والخلاف المفرغة، وأوضحت أن هذه الإيجابية اتضحت من خلال تغطية البرنامج لمشكلة الخلاف بين القضاة والمحامين حيث كان البرنامج يستضيف انصار الطرفين ويستمع إلى آرائهم بشكل حيادي جدا كما كان يستضيف المحللين الذين يقدمون رؤى وتحليلات ايجابية يمكن أن تسهم في حل الأزمة، وناشدت الصباغ كل وسائل الإعلام المصرية أن تنحو هذا المنحى حتى يقوم الإعلام برسالته وهدفه الحقيقي.
رغم كل شيء.. ثمة اختلاف
ربما لم يحد عن الآراء السابقة إلا أحمد عبد الحفيظ الذي ظهر متفائلا بعض الشيء بما حققه الإعلام المصري بعد الثورة ولكنه كان في نفس الوقت تفاؤلا حذرا ومحدودا، وأشار إلى أن المشكلة الرئيسية التي رصدها التقرير في الجزء الخاص برصد الأحزاب والانتخابات تمثلت في الحضور الطاغي للتيارات الإسلامية قائلا أنه حتى الأخبار التي كانت تتناول بالحديث القوى السياسية اليسارية أو الليبرالية كانت تتناولها انطلاقا من موقف هذه القوى من التيارات الدينية سلفية كانت أم اخوانية، وبالتالي كانت التيارات الدينية هي محور الأخبار الخاصة بالانتخابات والأحزاب وهو أمر فيه جانب كبير من الاهتمام بالتشويق الخبري أو "الأكشن الصحفي" أكثر مما فيه من الاهتمام بالعمل الصحفي المهني الحقيقي.
على الجانب الآخر رأى عبد الحفيظ أن الإعلام المصري بعد الثورة أثبت أنه تغير بشكل كبير بدليل نسبة الحياد الكبيرة التي رصدها التقرير، معتبرا أن الخبر كلما كان حياديا لا يحمل هجوما أو تأييدا لطرف على حساب آخر إنما يعبر عن جودة العمل الصحفي، وهو الأمر الذي رفضته الصباغ وحاولت توضيحه على اعتبار أنها كانت الباحث الرئيسي في التقرير والأكثر دراية بمثل هذه الأمور التي يمكن اعتبارها مما هو مسكوت عنه أو مخفي أو يعمل من وراء ستار.

No comments:

Post a Comment