Saturday, March 24, 2012

الماركسية اللينينية و أسس الثورة الإشتراكية

الماركسية اللينينية و أسس الثورة الإشتراكية

الماركسية اللينينية و أسس الثورة الإشتراكية
إعتبر كارل ماركس أعمال هيكل مهمة لكونها اكتشفت الدياليكتيك الذي يبرز علاقات التناقض في الحركة و محرك الصيرورة الجدلية لكنه ظل مرهون بالفكرة المطلقة ، مما جعل هذه الأعمال مرهونة بنظرة مثالية في حاجة إلى التطوير عبر إخراج دياليكتيك هيكل من الفكر إلى الواقع ، و أقر ماركس أن الدياليكتيك يجب أن ينطلق من الواقع الملموس الذي يتحرك فيه من أجل تحويله من المثالية إلى المادية ، مما دفعه إلى المراجعة الكاملة لفلسفة هيكل بدءا بمفهوم الدولة التي يراها هيكل طرفا ثالثا في التناقض بين الطبقات المتصارعة مما جعلها حلا لهذا التناقض ، فإلغاء التناقض لديه يستوجب طرفا ثالثا لإجراء المصالحة بين الطبقات المتصارعة في المجتمع و الحل هو وجود الدولة ، مما جعل تناقض هيكل ذا صفة تصالحية و هو نتاج فلسفته المثالية ، بينما اعتبر ماركس الدولة أداة لخدمة مصالح أحد المتصارعين و هو المسيطر على السلطة السياسية و الإقتصادية و العسكرية ، و عمل ماركس على البحث عن التناقض التناحري في المجتمع و اعتبر التناقض بين الطبقات الإجتماعية المتصارعة جوهر الصيرورة الجدلية ، و مصير هذا التناقض ينتهي بالقضاء على أحد المتصارعين في نفس الوقت الذي يتم فيه فرز تناقض تناحري جديد في ظل صيرورة جدلية جديدة تفرز علاقات تناقضية جديدة ، كما هو الشأن عند انتصار مفاهيم البورجوازية على مصالح الإقطاع خلال نجاح الثورات البورجوازية التي أفرزت النظام الرأسمالي الذي يتسم بالصفة التناحرية ، و الجوهر ليس شيئا ثابتا لأنه يحمل بداخله صفة الحركة لكون الحل الجديد يمكن أن يؤدي إلى فرز متناقضين جديدين ، كما هو الشأن بعد نشأة النظام الرأسمالي بعد صعود البورجوازية إلى السلطة و بالتالي نشأ التناقض بين البورجوازية و البروليتاريا ، أو يمكن أن ينفي التناقض القديم كما هو الشأن عند تحقيق المجتمع الشيوعي مع اكتمال البناء الإشتراكي الذي تنتفي فيه الطبقات بعد اضمحلال الدولة ، أو عدم تحقيق النفي كما هو الشأن في ثورة كومنة باريس في 1871 و في التجربة الإشتراكية التي استمر فيها التناقض إلى حين سقوطها.
إن قوانين التطور الإجتماعي التي اكتشفها كارل ماركس هي التي تحدد التطور التاريخي لكن دون تحديد شكل الحل النهائي للتناقض الذي قد يتضمن مجموعة من الحلول و ليس حلا واحدا ، و يعتبر ماركس أن الصيرورة الجدلية تسير وفق الحلول الممكنة إذ يمكن أن تكون وفق نفي النفي أو عكسه ، كما هو الشأن في إسقاط النظام الإشتراكي بالإتحاد السوفييتي بعد صعود البورجوازية من جديد إلى السلطة و بالتالي رجوع النظام الرأسمالي في صيغته الإمبريالية ، و اعتبر فويرباخ أن الإنسان هو الفاعل في التاريخ إلا أنه كما قال ماركس لم يقم إلا بتعويض الفكرة المطلقة عند هيكل بالإنسان الملموس خارج الواقع الملموس نظرا لصفة المثالية التي تتسم بها نظريته ، و أكد ماركس أن الفكر ما هو إلا جانبا من الجوانب المتعددة التي تؤثر في التطور التاريخي وفق قوانين التطور الإجتماعي التي يجب اكتشافها ، و سعى إلى تغيير الواقع الملموس انطلاقا من اكتشاف هذه القوانين التي تتحكم في الصيرورة الجدلية للتناقض التناحري بين الطبقات المتصارعة في المجتمع ، و أكد أن الصراع الطبقي هو المحرك الأساسي للتاريخ فلا يمكن للمجتمع الرأسمالي القيام إلا في ظل الصراع بين البروليتاريا و البورجوازية ، و الفلاسفة في نظر ماركس خلال التاريخ الطويل للفلسفة لم يعيروا أي اهتمام للعلاقات الإجتماعية الملموسة في تفسيرهم للتاريخ ، بقدر ما قاموا بتفسير ظواهره مما عكس مسار تفسير التاريخ لديهم بانطلاقهم من الظواهر للوصول إلى الجوهر المتحرك أصلا و كلما تحرك الجوهر نشأت ظواهر جديدة ، و بذلك قاموا بقلب العلاقات الموجودة في الواقع الملموس و أسس نظريته المشهورة المادية الدياليكتيكية و المادية التاريخية .
و انتقل ماركس من الإيديولوجية إلى علم التاريخ و اعتبر أن المحرك الأساسي للتاريخ هو التناقض الأساسي بين القوى المنتجة و علاقات الإنتاج ، و على أساس هذا التناقض يقوم الصراع الطبقي الذي يعتبر المحرك الأساسي للتاريخ ، و المادية التاريخية ليست فقط علما للتاريخ و لكنها كذلك نظرية البروليتاريا/أيديولوجيتها في صراعها ضد البورجوازية ، و قام بتفسير التاريخ تفسيرا علميا عبر المادية الدياليكتيكية التي تعتبر البروليتاريا الطبقة المؤهلة لإنجاز الثورة الإشتراكية ، و لم يقتصر عمل ماركس على نقد الأسس النظرية للمنظومة الفلسفية لهيكل و فويرباخ بل حقق إنجازا عظيما على مستوى علم الإقتصاد السياسي في كتابه العظيم رأس المال ، و ذلك بنقد النظام الرأسمالي حيث وضح كيف أن الرأسمالية نظام تناحري تتصارع فيه طبقتين أساسيتين متصارعتين هما البروليتاريا و البورجوازية ، عبر استغلال قوة عمل الطبقة العاملة من طرف الطبقة البورجوازية المسيطرة على وسائل الإنتاج و المال و المواد الخام ، فوجود هاتين الطبقتين في النظام الرأسمالي يحتم وجود الصراع الطبقي بين الطبقة العاملة و البورجوازية ، و هو صراع تاريخي لا يزول إلا بزوال أسبابه / وجود الطبقات المتناقضة في المجتمع التي لن تزول إلا بتحقيق الثورة الإشتراكية للمرور إلى الشيوعية ، الشيء الذي تحقق بقيادة لينين في ثورة أكتوبر 1917 الإشتراكية التي أتتمم ستالين أطوارها العملية بوضع أسس الإقتصاد الإشتراكي و صياغة الدستور الإشتراكي ، و خلال مرحلة البناء الإشتراكي بالإتحاد السوفييتي مازال التناقض الأساسي قائما بين البورجوازية و البروليتاريا في دولة دكتاتورية البروليتاريا ، إذ كما قال ماركس الدولة ما هي إلا أداة طبقية تخدم مصالح الطبقة المسيطرة على السياسة و الإقتصاد و الجيش ذلك ما يجري على دولة دكتاتورية البروليتاريا أيضا ، التي سقطت قبل الوصول إلى مرحلة الإنتقال إلى اضمحلال الدولة و نشوء المجتمع الشيوعي حيث لم يحدث نفي النفي التام و استمر التناقض التناحري بين الطبقتين المتصارعتين ، نظرا لعدة أسباب سنأتي لتوضيحها فيما بعد و هي بالطبع تناقضات داخلية و خارجية يحفل بها جنين النظام الإشتراكي الذي ورث عدة أمراض من الأم الرأسمالية الإمبريالية التي أصلا ترفض هذه الولادة القيصرية التي تستهدف العصف بحياتها ، فحدث عكس النفي حيث لم يكتمل نفي النفي الذي خذر من عواقبه مهندس الثورة الإشتراكية لينين ، باعتبارها الوحيدة في العالم و الناجحة بكل المقاييس في مرحلة تاريخية وصلت فيها شعوب العالم مفترق الطرق بين التطلع إلى الإستقلال السياسي التام أو استمرار الإستعمار لعدة قرون قادمة في ظل الرأسمالية الإمبريالية ، فإذا كانت عمر ثورة كمونة باريس الإشتراكية لم يتعدى أكثر من شهرين و نصف نظرا لكون شروط الحياة المادية للبروليتاريا لإنجاز مثل هذه الثورة لم تكتمل بعد نظرا لعدم اكتمال النظرية الثورية ، فإن الثورة البولشيفية الإشتراكية استطاعت طبع العالم بالطابع الإشتراكي على أرض الواقع و ليست وهما كما تدعي البورجوازية و معها الإنتهازية التحريفية ، و كما يقون مهندسها لينين :"لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية" فالماركسية اللينينية هي النظرية الثورية للمرحلة الإمبريالية التي نعيش أطوارها العليا وهي "عشية الإشتراكية" بالتالي فهي نظرية عصر الثورة الإشتراكية العالمية التي نعيش اليوم في ظل شروط الحياة المادية الضرورية لأنجازها بعد انهيار الرأسمال المالي في أحضان الإمبريالية الأمريكية.
و يتناول الدياليكتيك الماركسي تطور الحركة الاجتماعية بالدرس و التحليل و يقر بوجود قوانين مشتركة بين مختلف التكوينات الاجتماعية ، تلك القوانين التي يمكن اكتشافها و استخدامها لصالح البشرية دون القدرة على تعديلها و هدمها ولا يدوم مفعولها مدة طويلة ، و الحركة الإجتماعية في صيرورتها التاريخية تتخلص من تناقضاتها الداخلية و هي في تحول دائم نتيجة الصراع بين المتناقضين الأساسيين الذي يحاول أحدهما السيطرة على الآخر و نفيه ، فإذا تغيرت شروط الحياة المادية ظهرت قوانين جديدة على أساس علاقات اقتصادية جديدة و ظهرت تناقضات جديدة بين المتناقضين الأساسيين الجديدين ، و ذلك نتيجة الصراع بين القوى المنتجة الجديدة وعلاقات الإنتاج القديمة في المجتمعات التناحرية التي تنتج عنها حتما الثورة الإجتماعية ، كما رأينا في مرحلة الإقطاع و الثورات البورجوازية و في مرحلة الرأسمالية الإمبريالية و الثورة البولشيفية الإشتراكية ، و اعتبر ماركس أن الوجود الإجتماعي هو الذي يحدد الإدراك الاجتماعي فالنظام الرأسمالية رهين بوجود الفكر البورجوازي السائد الذي يمكن أن تعتنقه حتى الطبقة العاملة و الذي يعرقل تطورها ، باعتبارها تتعرض للإستغلال و تعيش تحت نير الإضطهاد و هي لا تملك وسائل الإنتاج الثقافية لبلورة النظرية الثورية في أوساطها ، و كرس ماركس و إنجلس حياتهما لدحض الإتجاه الفلسفي المثالي لفلسفة هيكل و فويرباخ بتطوير مفهوم الديالكتيك عبر إزالة صفة المثالية في أطروحتهما حول الصيرورة التاريخية و القوانين التي تحكمها ، و اعتبرا أن قوانين التطور الإجتماعي تعبير عن الضرورة التاريخية لتطور المجتمعات باعتبارها قوانين علمية يمكن اكتشافها ، و كل قانون من هذه القوانين هو انعكاس للعلاقات الضرورية بين الحوادث و حركة التطور التي تجري مستقلة عن إرادة الناس داخل المجتمع ، كما أن هناك قوانين خاصة تصلح لنظام اجتماعي معين كقوانين الإقتصاد الرأسمالي أو الإقتصاد الإشتراكي ، إلى جانب وجود بعض القوانين العامة التي تصلح لجميع التكوينات الإجتماعية و من بينها :
ـ القانون الذي يقول بأن الوجود الإجتماعي يحدد الإدراك الإجتماعي حيث أن الأفكار الإجتماعية و السياسية و الحقوقية و الفنية و الفلسفية ... هي انعكاس للشروط المادية في الحياة الإجتماعية / في الوجود الإجتماعي .
ـ قانون التوافق الضروري بين علاقات الإنتاج و صفة القوى المنتجة .
وخلافا للمثالية التي تقر بأن القوى الأساسية التي تحدد تطور المجتمعات هي الأفكار الإجتماعية و السياسية ، فإن المادية التاريخية تعتبر أسلوب إنتاج الثروات المادية هي القوة الأساسية التي تحدد تطور المجتمعات البشرية ، فتطور الرأسمالية في حضن الإقطاع على شكل رأسمال تجاري برزت معه البورجوازية الكومبرادورية سيطرت على المال لعدة قرون، مما ساهم في تطور العمل اليدوي بعد ترويج منتوجات الحرفيين ليحدث تطور هائل في الحرف التي تحولت إلى صيغة المنيفاكتور و بالتالي ظهور الصناعة و بروز الرأسمال الصناعي ، الذي سيطر بفضل تطور وسائل الإنتاج المتقدمة و بالتالي بروز البروليتاريا و البورجوازية بالمدن ، و حدوث تحول ملموس بالبوادي بتطور الفلاحة التي أدخلت الآلات العصرية بدل المحراث الخشبي و بروز الطبقة العاملة الزراعية ، مما ساهم في تظور القوى المنتجة التي سبقت في تطورها عاقات الإنتاج الإقطاعية التي انبتقت من رحم نظام العبودية و أصبح العبيد طبقة غير أساسية في النظام الجديد ، و بالتالي بروز المفاهيم البورجوازية التي انتصرت على مصالح الإقطاع خلال الثورات البورجوازية و سيادة فكر البورجوازية المسيطرة على السلطة السياسية و الإقتصادية و العسكرية ، و حدث تحول في الأساس الإفصادي ككل و أصبحت البروليتاريا الطبقة الأساسية في النظام الجديد باعتبارها طبقة ثورية بحكم امتلاكها لقوة العمل التي تنتج القيمة الزائدة لكن توضع في جيوب البورجوازية ، و حدث نفي النفي بسقوط النظام الإقطاعي الذي أفرز تناقضات جديدة في النظام الإقتصادي الجديد المتسم بصفة التناحرية التي تلازمة ، باعتبار وسائل الإنتاج ذات صفة خاصة بينما عمل البروليتاريا ذو صفة اجتماعية بفضل جماهير العمال بالمدن ، و نشأ صراع دائم بين الطبقين الأساسيتين في المجتمع الرأسمالي و هما البورجوازية ذات الصفة الرجعية حيث اعتمادها على شراء قوة عمل البروليتاريا الطبقة ذات الصفة الثورية و الحاسمة في الصراع الطبقي من أجل الإشتراكية.
إن الصراع الطبقي هو نتاج وجود الطبقات الإجتماعية المتناقضة كما هو الشأن في النظام الرأسمالي ، و الذي يتجلى في الصراع بين العمل و الرأسمال ، بين البروليتاريا و البورجوازية ، بين القوى المنتجة الجديدة و علاقات الإنتاج القديمة ، بين الصفة الإجتماعية للقوى المنتجة و صفة الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج ... و حدد ماركس القوانين التي تحكم الحركة في :
ـ التناقضات في ظل وحدة الحركة
إن قانون الحركة الذي يعتبر الدياليكتيك الماركسي جوهره و الذي يحكم الحركة بصفة عامة و الحركة الإجتماعية بصفة خاصة ، يقر بوجود تعايش في ظل الصراع بين العناصر المتناقضة في الحركة و يرتكز أساسا إلى المتناقضات الأساسية ، فالنظام الرأسمالي باعتباره يتسم بسمات الحركة لا يمكن وجود بدون الصراع بين الرأسمال و العمل و دون الصراع بين البورجوازية و البروليتاريا ، حيث لا يمكن للعنصر الأول/البورجوازية العيش بدون وجود الثاني/البروليتاريا و هما في صراع دائم من أجل السيطرة والسيادة و لا يمكن للأول الإستمرار في الحياة إلا باستغلال الثاني ، و الثاني و هو يتعرض للإستغلال يسعى إلى الخلاص من سيطرة الأول في صراع دائم من أجل تحقيق الثورة الإشتراكية التي تخلصه من هذه السيطرة و الإستغلال ، و كلاهما يعيش في ظل وحدة الحركة الرأسمالية ذات الصفة التناحرية و التي تتسم بدينامية دائمة في اتجاه تحقيق الثورة الإشتراكية ، التي يتحول فيها الثاني لممارس السيطرة على الأول الذي يحاول نفي الثاني بعد تحقيق نفي النفي عبر نفي النظام الرأسمالي بعد إنجاز الثورة الإشتراكية و الشروع في بناء أسس النظام الإشتراكي ، الذي يهدف إلى تحقق نفي أسلوب الإستثمار الرأسمالي بتحقيق النفي التام و يالتالي نفي الطبقات ، من أجل الوصول إلى القفزة النوعية عند توفر شروط الحياة المادية للمرور إلى المجتمع الشيوعي الذي تنتفي فيه الطبقات ، أو يحصل النفي المضاد بالرجوع إلى سيطرة الأول على الثاني كما حدث في الإتحاد السوفييتي بعد سقوط التجربة الإشتراكية .
و إلى جانب المتناقضان الأساسيان/البروليتاريا و البورجوازية يوجد متناقضان ثانويان/البورجوازية الصغرى و الفلاحين اللذان يتسمان بالإنتاج الفردي و يدخلان في الصراع لحسمه لصالح المتناقض الأول أو الثاني ، و يعتبر المتناقض الثانوي الأول/البورجوازية الصغرى أساسيا في حسم الصراع بين المتناقضين الأساسيين في الصراع الطبقي في النظام الرأسمالي لصالح المتناقض الأول/البورجوازية ، الذي يعتبر الحضن الذي ترعرعت و نمت فيه الرأسمالية قبل حدوث الثورات البورجوازية و هو دائم في تغذيتها خلال حركتها الدائمة ، فكلما تطورت الرأسمالية ظهر متناقض ثانوي أول جديد صالح لمستوى تطور النظام الرأسمالي من أجل تجاوز أزماتها الجديدة ، فالرأسمالية في حركتها و تطورها تجدد البورجوازية الصغرى التي تصلح لمستوى معين من تطورها و لكن سرعان ما تعصف بالمتناقض الثانوي الأول القديم الذي استنفذ دوره في خدمتها ، و يكون المتناقض الأساسي الثاني/البروليتاريا بدوره في حاجة ماسة للمتناقض الثانوي الأول في مرحلة إنجاز الثورة الإشتراكية و بناء النظام الإشتراكي كما أنه في حاجة ماسة للمتناقض الثانوي الثاني/الفلاحون لتحقيق الثورة الإشتراكية ، لكن لا الثانوي الأول و لا الثاني يقدران على قيادة الثورة الإشتراكية بنجاح و كلاهما يهددان الإشتراكية بالعصف بها في اتجاه الرأسمالية بحدوث النفي المضاد/الثورة المضادة.
فالثانوي الأول انتهازي بطبعه حيث يحن إلى معانقة حفيدته الرأسمالية الإمبريالية سعيا إلى السيطرة على مراكز السلطة السياسية و الإقتصادية ، و بالتالي الإرتقاء الطبقي و خاصة المثقفين الذين يعتبرون أنفسهم أرقى من المنتجين المبدعين ذوي العمل اليدوي الذي يميز الثانوي الثاني ، بينما الثانوي الثاني/الفلاحون يعتبرون من جهة هدفا حيويا للرأسمالية حيث القيمة الزائدة دون أدنى إنفاق خاصة الفلاحات الفقيرات الكادحات بدون أدنى أجر يذكر و من جهة ثانية يصبح المتناقض الثاني عبءا على كاهل المتناقض الأساسي الثاني/البروليتاريا ، فهو أساسي في التحالف من أجل إنجاز الثورة الإشتراكية و يشكل عائقا أساسيا في البناء الإشتراكي حيث البروليتاريا تسعى إلى نفيه بنفي الإنتاج الفردي في الفلاحة ، و الثانوي الأول يصبح أساسيا في البناء الإشتراكي إلا أنه سرعان ما يذهب إلى أكثر من ذلك إلى السيطرة على السلطة السياسية دون القدرة على نفي الإقتصاد الإشتراكي نفيا تاما حيث حاجته إلى المتناقض الأساسي الثاني/البروليتاريا في استمرار الإنتاج حيث لا مجتمع دون إنتاج ، لكن سرعان ما يتحول إلى غول خادم الرأسمال الذي لا يعرف إلا تغذيته بالقيمة الزائدة دون انقطاع و بذلك يصبح بورجوازيا بامتياز ، نظرا لعدم قدرته على نفي صفته البورجوازية نفيا تاما في دولة ديكتاتورية البروليتاريا كما هو الشأن بالنسبة للثانوي الثاني/الفلاحون الذين لا يستطيعون نفي صفتهم الإنتاجية الفردية الفلاحية التي تصبح عائقا أمام التطور الصناعي ، و كلا المتناقضين الثانوييين حاسمان في نجاح الثورة الإشتراكية كما بينته التجربة الإشتراكية في الإتحاد السوفييتي حيث شكلا العائق الأساسي أمام تطور القوى المنتجة الجديدة الإشتراكية.
ـ تحولات الكم و الكيف
إن الحركة عبر تاريخها تسير في تحولات دائمة وفق بنية اجتماعية معينة و خلال تغيرها و تحولها يحدث تحول كمي ، لا نلاحظه إلا عندما يصل إلى مستوى معين يظهر فيه على شكل تحول نوعي دون إرادة الناس الذين يساهمون في هذا التحول أثناء الإنتاج ، كما هو الشأن في تراكم وسائل الإنتاج التي صنعها الإنسان دون رغبته في إحداث تحول في القوى المنتجة ، و بالتالي طهور معارف جديدة ساهم في بروزها المنتجون المبدعون أثناء استغلال الطبيعة ، و حدث تحول هائل في القوى المنتجة بفضل التراكم الكمي لوسائل الإنتاج و التراكم المعرفي الذي توازيه مما ساهم في حدوث تحول كيفي في حياة الناس أثر على مستوى الإنتاج المادي و الثقافي و بالتالي بروز أفكار جديد ، ذلك ما رأيناه في التحول الهائل من مستوى العمل الحرفي الذي تحول إلى المستوى الصناعي ببروز التقنية الصناعية ، بعد التطور الهائل لوسائل الإنتاج الذي رافقه تحول هائل في مستوى تطور المعارف و بروز الفكر البورجوازي في أحضان الإقطاع الذي تم نفيه بفعل المفاهيم البورجوازية ، و بالتالي حدوث التحول الكيفي في المجتمع بعد ظهور البروليتاريا و البورجوازية بالمدن الطبقتين الحاسمتين في الصراع الطبقي بالمجتمعات الرأسمالية ، بعد نفي التناقض الأساسي بين الإقطاع و العبيد و حدوث الثورات البورجوازية التي نتج عنها تحول تام في الأساس الإقتصادي الذي أصبح ذا صفة رأسمالية بعد نفي الصفة الإقطاعية و بروز علاقات انتاج رأسمالية ، و بالتالي حدوث تحول في حياة العبيد بالبوادي بظهور العمال الزراعيين بعد الإستثمارات الرأسمالية في المجال الفلاحي الذي تطور بفضل التقنية الصناعية ، لكن تبقى بعض مظاهر علاقات الإنتاج الإقطاعية خاصة في الدول التي لم تشهد بعد الثورات البورجوازية أو التالي لم تستطع دمج الفلاحة في الصناعة و تحديث الإنتاج الفلاحي ذلك ما نراه في جل الدول التي تعرضت للإستعمار الإمبريالي.
و يبرز التحول النوعي/الكيف نتيجة التحول الكمي الذي يصل إلى مستوى معين تطلب التحول النوعي من الكم إلى الكيف بقيام الثورة على علاقات الإنتاج القديمة التي لا تلائم تطور القوى المنتجة الجديدة ، فالتحول الكمي للصناعة بالمدن خلال القرن 17 عندما وصل مستوى معين حدث تحول نوعي/ الكيف في المجتمع و ظهرت طبقات متناقضة جديدة/البورجوازية و البروليتاريا ، و ظهر معها الصراع الطبقي بين العمل و الرأسمال و برزت حاجيات أساسية جديدة مادية و ثقافية تم تسخير التقنية الصناعية لتوفيرها ، بعد تطور الوسائل المادية الضرورية في الحياة المادية الجديدة مع تطور الإنتاج الصناعي و حدث تحول نوعي في حياة البشرية /الكيف و برزت مؤسسات اجتماعية حديثة كالتعليم والتربية و المستشفيات و دور اللهو و الملاعب و غيرها ، بعد التحول النوعي/الكيف الذي بلغ مداه عند التحول الكمي الذي وقع على الرأسمالية بالإنتقال من الرأسمال التجاري/الكيف إلى الرأسمال الصناعي خاصة بعد حدوث الثورات البورجوازية ، و حدث تراكم هائل في وسائل الإنتاج/الكم الذي واكبه تحول هائل في المعارف و بروز أفكار جديدة/ المفاهيم الإشتراكية نتيجة الصراع بين المتناقضبن الأساسيين في الرأسمالية/البورجوازية و الرأسمالية ، مما ساهم في دينامية التطور الرأسمالي من مرحلة المنافسة/الكيف إلى مرحلة الإستعمار بعد بروز الرأسمال المالي و سيطرته على الرأسمال التجاري و الصناعي و بالتالي ظهور الإحتكارات الكبرى و بروز الإمبريالية ، التي بلغت مداها في العقدين الأول و الثاني من القرن 20 مما حتم حدوث أزمات سياسية و اقتصادية تستهدف اقتسام العمل في العالم باقتسام المستعمرات بين الإمبرياليات ، و حدثت الحرب الإمبريالية الأولي كسمة من سمات الرأسمالية الإمبريالية إضافة إلى سمة الإستعمار في مرحلة متقدمة من استعمار الدول الرأسمالية للشعوب الفقيرة
و برزت النظرية الماركسية اللينينية كنظرية ثورية لإنجاز الثورة الإشتراكية التي حدثت في روسيا و بلدان الإتحاد السوفييتي بعد الحرب الإمبريالية الأولى و بشرق أوربا بعد الحرب الإمبريالية الثانية ، وعرف الأساس الإقتصادي للرأسمالية تحولا نوعيا من الكم إلى الكيف حيث أصبح يتسم بالصفة الإمبريالية التي ترتكز سياسيا إلى الحرب و الإستعمار و اقتصادية إلى سيطرة الرأسمال المالي على الإنتاج الصناعي و الفلاحي ، و نحن نعيش اليوم أطوارها العليا فإذا كانت الأطوار الأولى من بروز الإمبريالية قد اتسمت بسيطرة الصناعة الكهربائية و السكك الحديدية/التحول الكمي في الرأسمال الصناعي و الكيف في نشر الإستعمار، هاتان الوسيلتان ضروريتان في التوسع الإستعماري/التحول الكيفي اللتان تميزان الصفة الإمبريالية للرأسمالية سياسيا و بروز سيطر الرأسمال المالي/التحول الكيفي في الإقتصاد على طول الخط عبر العالم ، حيث يعتبر المدخل الأساسي للإستعمار و فرض السيطرة على الشعوب الفقيرة و نهب خيرات بلدانها ، و الإمبريالية تعيش اليوم مرحلة العليا فبعد تجاوز دور البترول/الكيف في الطاقة برز دور الطاقة النووية و الأسطول الجوي و البحري/التحول الكيفي في حياة الإمبريالية بعد الحرب العالمية الثانية ، التي اتسمت بروز عامل الثورة الإشتراكية في الحرب/التحول الكيفي و انتصار دولة دكتاتورية البروليتاريا على الإمبريالية في الحرب الإمبريالية الثانية التي أشعلتها ضد الثورة الإشتراكي ، و توسعت خريطة المنتظم الإشتراكي لتشمل دول شرق أوربا/تحول كمي .
و حدث تحول كيفي في العالم بعد بروز التناقض الأساسي بين المنتظم الإشتراكي بقيادة الإتحاد السوفييتي و المنتظم الرأسمالي بزعامة أمريكا ، الشيء الذي أحدث تحولا في مفهوم الإستعمار بعد بروز دور حركات التحرر الوطنية العالمية/التحول الكيفي في مواجهة الإمبريالية ، فإذا كانت الطبقات الإجتماعية في المجتمعات الرأسمالية تتشكل من ثلاث طبقات البورجوازية و البورجوازية الصغرى و البروليتاريا ، إثنتان أساسيتان و حاسمتان في الصراع الطبقي البورجوازية و البروليتاريا و الثالثة ثانوية البورجوازية الصغرى و هي تتأرجح بين الطبقتين المتناقضتين و تلعب دور الحاسم في نفي إحدى الطبقتين ، فإن العالم أصبح بعد الحرب الإمبريالية الثانية يتشكل من ثلاثة عوالم عالمان اثنان أساسيان في الصراع الرأسمالي و الإشتراكي و الثالث ثانوي الشعوب التي تعرضت للإٌستعمار و الحاسم في نفي أحد العالمين الأول و الثاني ، فأصبحت حركات التحرر الوطنية التي تقودها البورجوازية الصغرى و البروليتاريا الصاعدة و الفلاحون الفقراء تتأرجح بين العالمية بعد انتهاء الحرب الإمبريالية الثانية إلى حين حصول جميع الشعوب على استقلالها السياسي ، وسيطر الرأسمال المالي على المستوى الإقتصادي /الكيف و الإمبريالية على المستوى السياسي دوليا ، و تأثرت دولة دكتاتورية البروليتاريا بالإتحاد السوفييتي بأعباء الحرب و انصرفت إلى البناء الإشتراكي بعد ثقلها بدول شرق أوربا المدمرة اقتصادها على طول ، و تسلمت البورجوازية الكومبرادورية بدول العالم الثالث الفقيرة السلط بتحالف مع الإقطاع في ظل عدم نضج البروليتاريا و تدبدب البورجوازية الصغرى المثقفة و تطلعات البورجوازية ، بالإضافة إلى تدمير اقتصاد هذه الدول العالمثالثية من طرف الإمبريالية التي استغلتها في الحرب و استنزفت خيراتها و فقر ت و جوعت شعوبها ، كل هذه العوامل جعلها تعجز عن فرض استقلالها الإقتصادي الذي أصبح تبعيا للرأسمال المالي الذي فرض عليها القروض كبواب لاستعمارها اقتصاديا ، مما جعل السند الحقيقي لنجاح الثورة الإشتراكية العالمية و هو حركات التحرر الوطنية العالمية يولد أعرج و يسفر عن دول شبه مستعمرة لم و لن يكتمل استقلالها في ظل الأنظمة الرجعية القائمة بها ، و يبقى السند الأساسي المتناقض الثانوي في الصراع بين المتناقضين الأساسيين الإشتراكية و الإمبريالية يخدم مصالح هذه الأخيرة مما عجل بإسقاط التجربة الإشتراكية بالإتحاد السوفييتي.
ـ النفي و نفي النفي
إن الحركة الإجتماعية في تناقضات دائمة تسعى عبرها إلى تجاوز بعض ظواهرها /التناقضات الداخلية التي تشكل عائقا في سيرورتها من أجل الرقي الإجتماعي ، و لا يتم ذلك إلا بعد نفي هذه الظواهر المعيقة لتطورها و الذي يليه بالضرورة نفي آخر في ظل وحدة الحركة الإجتماعية في سعى إلى نفي تناقضاتها الداخلية من أجل البقاء و الإستمرار ، فالرأسمالية في تحولاتها من التنافسية إلى الإحتكارية و الإمبريالية تسعى إلى تخطي تناقضاتها الداخلية بعد تراكم الإنتاج البضاعي و حدوث الفوائض الإنتاجية من أجل البقاء في ظل الإستمرار و التطور ، لكن دون الحسم مع تناقضها الأساسي الذي يلازمها و هو نفي الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج التي تتناقض و الصفة الإجتماعية للقوى المنتجة ، و تحولت الرأسمالية إلى نظام اجتماعي تناحري لن ينتفي فيه التناقض الأساسي إلا بحسم الصراع الطبقي بين البروليتاريا و البورجوازية لصالح الطبقة العاملة عند تحقيق نفي النفي ، و ذلك بإحقاق النظام الإشتراكي العالمي تحت قيادة دكتاتورية البروليتاريا العالمية بتحقيق نداء ماركس :"يا عمال العالم اتحدوا ! "من أجل الإنتقال إلى الشيوعية ، و كانت التجربة الإشتراكية بالإتحاد السوفيتيتي عظيمة في هذا الشأن حيث تم نفي النفي بشكل نسبي أعطى صورة حقيقية عن مدى صحة تصورات الماركسية حول الإنتقال إلى الشيوعية ، فكان للثورة الإشتراكية في بلد واحد أثر هام في بروز التناقضات الأساسية بين الرأسمالية و الإشتراكية على المستوى العالمي خاصة بعد الحرب الإمبريالية الثانية ، التي تعمقت فيها التناقضات الداخلية الأساسية للرأسمالية الإمبريالية بعد فقدانها أحد عواملها الإساسية في الوجود و هو الإستعمار الذي تم نفيه بفضل صعود المنتظم الإشتراكي الذي هزمها في الحرب العامل الأساسي في وجودها.
و هي لم تستطع تخطي تناقضاتها الداخلية بعد خروجها مهزومة مرتين في الحرب من جهة و الإستعمار من جهة ثانية ، و ما كان عليها إلا أن تعيش في تناقضاتها الداخلية محاولة نفها على حساب التناقضات الخارجية ضد المنتظم الإشتراكي و الدول القائمة في المستعمرات القديمة ، و باعتبار أن نفي النفي لم يكتمل بصفة تامة في مستوى حركات التحرر الوطنية و التخلص بصفة تامة من الإستعمار الصفة الأساسية للرأسمالية الإمبريالية ، فإن الدولة التي أسفرت عنها ستبقى نصف مستعمرة بفقدانها للإستقلال الإقتصادي الحاسم في الصراع الطبقي ، و يبقى الأساس الإقتصادي لهذه الدولة مرهون بالتبعية للإمبريالية بعد اشتغال المنتظم الإشتراكي بتناقضاته الداخلية بعد الهدم التام للأساس الإقتصادي الإشتراكي خلال الحرب و تعطيل البناء الإشتراكي ، فبقاء التناقض الأساسي بين البروليتاريا و البورجوازية الذي تغذيه الإمبريالية داخل المنتظم الإشتراكي أصبح عائقا أمام تطور القوى المنتجة الإشتراكية الصاعدة مما يعرقل تطور علاقات الإنتاج الإشتراكية ، في نفس الوقت الذي أصبح فيه البناء الإشتراكي في حاجة إلى توسع داخل دول الإتحاد السوفييتي من جهة و من جهة أخرى داخل دول شرق أوربا المتحررة من الإمبريالية ، مما ساهم في تنامي التناقضات الداخلية بالنظام الإشتراكي الذي لم يتخط بعد مرحلة البناء داخل دولة واحدة ، و فجأة طرأت الفقزة النوعية التي نتجت عن الإنتصار في الحرب بما حمله من تناقضات جديدة جعلت الحزب الشيوعي السوفييتي تقع على عاتقه أعباء نفي تناقضاته الداخلية و حماية مصالح المنتظم الإشتراكي الذي عرف توسعا هائلا في فترة وجيزة ، فدخول الحرب من طرف الإتحاد السوفييتي كان من باب الدفاع عن الوطن الإشتراكي إلا أن الأحداث تطورت و أصبح النظام الإشتراكي يواجه واقع التوسع المفاجيء ، و تنامي إستقلال الدولة المستعمرة في الجنوب العالمثالثية التي من المفروض أن يهتم بها باعتبارها العامل الحاسم في الثورة الإشتراكية العالمية ، إلا أن استقلالها لم يكتمل كما رأينا رغم تصاعد الحركة السياسية الشيوعية بالصين و شرق آسيا مما خلق للإمبريالية تناقضات جديدة تسعى إلى القضاء عليها و لم تجد أمامها إلا إحدى صفاتها الأساسية و هي الحرب اللصوصية ، من أجل تدمير المحيط الإشتراكي بعد التأكد من صحة محيطها التبعي بأفريقيا و الشرق الأوسط بعد زرع الكيان الصهيوني في 1948 للتحكم في موارد النقط الذي يعتبر أساس الطاقة خلال 50 عاما القادمة ، و تمت عرقلة تطور البناء الإشتراكي بعد صعود البورجوازية الصغرى المتناقض الثانوي في الصراع الطبقي إلى السلطة بالإتحاد السوفييتي التي ارتقت إلى مستوى البورجوازية خادمة امبريالية.
و الحركة الاجتماعية التي يحكمها قانون الدياليكتيك الماركسي الذي وضعه ماركس و إنجلس تبقى في سيرورة دائمة في ظل التناقض بين العمل و النظر ، الذي يحيلنا إلى الجدلية بين النظرية الثورية و الممارسة الثورية التي وضع أسسها لينين بوضعه للنظرية الثورية للحركة الثورية البروليتارية و حقق جزءا هاما منها خلال الثورة الإشتراكية ، التي أصلها ستالين في دولة دكتاتورية البروليتاريا بالإتحاد السوفييتي و شرق أوربا ، حيث نجد أن في كل حركة اجتماعية عمل و نظر و في كل نظر عمل و نظر ، فالمفكرون المبدعون خاصة منهم البروليتاريون حينما ينجزون إبداعاتهم الفكرية تصبح عملا ملموسا يمكن بلورته في الواقع الملموس انطلاقا من الفكرة إلى الإنجاز من النظر إلى العمل ، حيث أن إدراكنا للوجود الإجتماعي انطلاقا من النظرية الثورية يتحول إلى قوة مادية تتغلغل في أوساط الجماهير عبر قيادتها الثورية و قادرة على تحويل الواقع الملموس كما أوضح ماركس ذلك ، كما أن في كل عمل نظر و عمل حيث أن الفئات المحسوبة على العمل أثناء إنجاز إبداعاتها تفكر و تعمل في ظل النظرية الثورية معيار الممارسة ، و تضع لعملها نظرا في تفاعل دائم انطلاقا من العمل الذي يغني النظر و يعطيه اتجاهه الصحيح بنفي التناقضات الثانوية التي تعرقل مسار الحركة الاجتماعية في مرحلة معينة .
و عندما تصل الحركة الإجتماعية الصاعدة إلى مستوى معين من نضج الفكرة باقتناع الجماهير بها و بتجربتهم الخاصة تحدث القفزة النوعية/الثورة التي تلغي التناقض الأساسي المعرقل للحركة كما أوضح لينين ذلك في جداله مع المناشفة الذين يريدون عرقلة طريق الثورة الإشتراكية باسم الثورية ، و لتطور العمل تأثير عظيم على تطور النظر الذي يسعى إلى التطابق مع العمل بنفي جميع التناقضات الثانوية التي تم رفضها أثناء بلورة الفكرة كقوة مادية ، و التي لا تصلح إلى المرحلة الراهنة وفق جدلية التكتيك و الإستراتيجية كما فعل لينين مع المناشفة في توقيع اتفاقية بريشت ضد الحرب للتفرغ إلى البناء الإشتراكي ، تكتيك الإتفاقية أصبح ذا أهمية استراتيجية لفتح الطريق أمام البناء الإشتراكي عكس ما قام به المناشفة الذين تحالفوا مع الإمبريالية و أشعلوا الحرب الأهلية لعرقلة مسار الثورة ، و كان لدخول الحرب من طرف البلاشفة أساسيا رغم أن الحرب ليست تكتيكا في نظر الإشتراكية التي رفضها أصلا بتوقيعها لاتفاقية بريشت ، إلا أن الدخول فيها أصبح أمرا واقعا للدفاع عن الوطن الإشتراكي في ظل نفي التناقضات الثانوية التي تعرقل الثورة الإشتراكية و التي أصبحت أساسية في ظل تحول التكتيك إلى استراتيجية لحسم الصراع لصالح البلاشفة ، و أصبح دخول الحرب الأهلية ذا أهمية قصوى في تجرة الثورة الإشتراكية لما استجابت لها الجماهير من بروليتاريين و فلاحين ضد الطبقة البورجوازية الصغرى التي يقودها المناشفة و البورجوازية و الكولاك الذين تدعمهم الإمبريالية.
و تطورت النظرية الماركسية اللينينية بعد انتصار البلاشفة في الحرب الأهلية و اقتناعهم بأن البروليتاريا و الفلاحين أصبحوا قوة قاهرة للرجعية البورجوازية و الإنتهازية التحريفية و أن آفاق نجاح الثورة الإشتراكية أبوابها مفتوحة ، بنفي التناقضات الأساسية التي اعترضت الثورة الداخلية بسحق المناشفة و البورجوازية و الكولاك و الخارجية بطرد الإمبريالية ، تطورت النظرية الثورية اللينينية وفق شروط الحياة المادية التي أنتجتها الثورة الإشتراكية التي لم تكن لحظة تاريخية عابرة كما يدعي أعداؤها ، بل هي نتاج صراع مرير ضد التناقضات الداخلية و الخارجية التي تعرضها و حاولت عرقلة إنجازاتها على أرض الواقع لكن دون جدوى ، إن قوة النظرية الماركسية اللينينية تتجلى في كونها لم يتم وضعها بشكل تأملي كما تدعي البورجوازية و معها الإنتهازية التحريفية بل هي نتاج الممارسة الثورية في ظل التناقض بين الظر و العمل ، في حركة دائمة في التطور من أجل تطوير الحركة الإجتماعية الإشتراكية و بناء الحركة المعرفية الإشتراكية و الدفع بها إلى الأمام في ظل التناقض بين حركة القوى المنتجة التقدمية و علاقات الإنتاج القديمة ، و النظرية الثورية عند تغلغلها في أوساط الحركة الاجتماعية الإشتراكية تصبح قوة مادية يمكن معرفتها عبر دراسة الصراع القائم بين القوى المنتجة الإشتراكية الصاعدة بعد الحرب الأهلية و علاقات الإنتاج البائدة التي تم نفيها نفيا تاما قاطعا ، و بالتالي استخلاص الأفكار الثورية الجدية التي تشكل الأرضية الصلبة لانطلاق البناء الإشتراكي في ظل تناقضات جديدة تم كشفها في مرحلة البناء من طرف ستالين في ظل دكتاتورية البروليتاريا لتستكمل النظرية الماركسية اللينينية أسسها العملية ، بعد القفزة النوعية التي تم تحقيقها بعد نجاح الثورة و تخطي جميع التناقضات الأساسية و الثانوية التي اعترضتها و تحقيق البناء الإشتراكي بالإتحاد السوفييتي.
و قد أطلعنا التاريخ أن وراء كل قفزة نوعية تحول كمي كما هو الشأن عند التحول في مجال العمل الحرفي الأساسي في الإنتاج البضاعي في مرحلة الإقطاع ، الذي وصل مدى من التراكم الهائل عبر جدلية العمل اليدوي و النظر وفق العلاقة التناقضية بينهما في ظل مجتمعات يطغى عليها نمط الإنتاج الفلاحي ، و برز العمل المأجور التي أصبح أساسيا في الإنتاج حين وصل العمل الحرفي مستوى من التطور تم فيه نفي دوره الأساسي في الإنتاج البضاعي ، و بالتالي ظهرت البروليتاريا التي أصبحت العامل الأساسي في عملية الإنتاج في ظل التناقضات التي يتحلى بها الرأسمال الصناعي بعد نفي أهمية الرأسمال التجاري الذي أصبح ثانويا في ظل المجتمعات الصناعية ، و برزت أهمية القيمة الزائدة في الإنتاج و تراكما في شكل رأسمال في أيدي البورجوازية التي تستغل البروليتاريا ، و كذلك الشأن عند وفرة السلع الحرفية نتيجة تطور العمل الحرفي و حدوث فائض في المنتوجات التي كان يحتاجها الإقطاع إضافة إلى فائض الإنتاج الفلاحي الذي لا حاجة للإقطاع باستعماله ، و تم تحويل هذه الفوائض إلى بضائع يتم ترويجها في الأسواق مقابل النقد و ظهر بذلك العمل التجاري و بروز الرأسمال التجاري ، و بالتالي ظهور البورجوازية الكومبرادورية التي تستغل جهد الحرفيين و الفلاحين كطبقة أساسية في الإستغلال إلى جانب الإقطاع .
و الحركة الاجتماعية في ظل تناقضاتها عندما تصل إلى مستوى معين من التطور و التحول تكون في حاجة إلى الانتقال إلى بنية اجتماعية/ إلى بينية معينة عليا ، و تحول مركز الصراع الطبقي من التناقض بين الإقطاع و العبيد الذي كان أساسيا في المجتمعات الإقطاعي إلى التناقض الجديد بين البورجوازية و البروليتاريا بعد نفي مركز العمل الحرفي في الإنتاج الذي عوضه العمل الصناعي بالمعامل و المصانع الذي تقوده جماهير العاملات و العمال ، و نفي دور الحرفيين في تحريك التناقضات الأساسية في المجتمع إلى تحريكها من طرف البروليتاريا و بالتالي نفي النظام الإقطاعي الذي حل محله النظام الرأسمالي ، بعد تحول أساليب الإنتاج في البنية الإقطاعية بدخول الصناعة مرحلة جديدة و تطور التجارة و بروز المفاهيم البورحوازية و أصبح من اللازم حدوث قفزة نوعية /الثورات البورجوازية ، و تحولت الحركة الاجتماعية من حركة ذات بنية فيودالية إلى حركة ذات بنية رأسمالية و من سيطرت الحركة المعرفية المثالية إلى سيطرت الحركة المعرفية المادية التي لم تتخلص بعد من صفة المثالية و هي البورجوازية ، فكان لا بد من إسقاط نمط الإنتاج الإقطاعي و تغييره بنمط الإنتاج الرأسمالي ، ذلك ما حدث في القرن 18 مع نجاح الثورة البورجوازية الفرنسية و انتصار المفاهيم البورجوازية على مصالح الإقطاع .
من هنا استنتج ماركس أن الحركة الاجتماعية يحكمها تناقضان أساسيان هما القوى المنتجة و علاقات الإنتاج التي تتحكم في في تطويرها و تغييرها القوى المنتجة ، التي تتصف بالحركة والثورة باعتبارها عنصر الإنتاج الأساسي الذي لا يستقر على صفة معينة لمدة طويلة و الحاسم في تغيير أسلوب الإنتاج ، و الحركة و الثورة هما خاصيتان تميزان طبيعة القوى المنتجة و تجعلانها تملك القدرة على تحديد صفة علاقات الإنتاج الجديدة ، التي يجب أن توافق درجة تطور القوى المنتجة حيث لا يمكن اختيار نوع علاقات الإنتاج بين الناس الذين تربطهم علاقات يجب أن توافق بالضرورة طبيعة وصفة ودرجة و مستوى تطور القوى المنتجة ، ذلك ما حدث عند ظهور البروليتاريا باعتبارها أساسية في القوى المنتجة الجديدة و تحمل صفة الثورية انطلاقا من مركزها الأساسي في الإنتاج ، وعلاقات الإنتاج بدورها تؤثر في تطور القوى المنتجة هذا التأثر والتأثير يمكن له أن يسرع في تطور القوى المنتجة كما يمكن له أن يؤخر تطورها ويعرقله ، كما هو الشأن في دور المفاهيم البورجوازية التي سرعت في تطوير القوى المنتجة في مرحلة المد الصناعي في ظل النظام الإقطاعي ، مما أجج التناقض الأساسي بين القوى المنتجة المتقدمة و التي لعبت فيها البروليتاريا دورا أساسيا فكان لا بد من تدمير علاقات الإنتاج الإقطاعية التي تعرقل تطور القوى المنتجة الجديد التقدمية ، و حدثت الثورات البورجوازية بأوربا و في العالم فيما بعد و برز النظام الرأسمال مقام النظام الإقطاعي الذي تم نفيه و بالتالي نفي الصراع بين الإقطاع و العبيد و نفي دوره الأساسي في الصراع الطبقي ، و تحول مركز الصراع الطبقي إلى أحضان الرأسمالية في ظل تناقضاتها التي تعتبر فيه التناقض بين البروليتاريا و البورجوازية أساسيا ، و أصبحت البروليتاريا الطبقة الثورية الأساسية قي المجتمع و أصبح الفلاحون المنحدرون من الصراع بين العبيد و الإقطاع حلفاء الطبقة الجديد المنحدرة من العمل الحرفي و أصبحت البورجوازية كطبقة جديدة حليفة الإقطاع.
و تشكلت البورجوازية الصغرى من باقي الفئات الإجتماعية و خاصة منها المثقفة أصبحت تتأرجح بين الطبقتين الأساسيتين في الصراع الطبقي و هي بطبيعتها انتهازية رهينة مصالحها الخاصة بحكم طبيعة عملها الفردي ، كما أن طبقة الفلاحين ليست أساسية في الصراع بحكم عملها الفردي في مشاريعها الصغيرة التي تعرقل ثورية العمل الإجتماعي للبروليتاريا القوة الثورية في المجتمع لكنها حاسمة في إنجاز الثورة الإشتراكية بموقع تحالفها ، و هي لم يسبق لها في التاريخ أن قادت الثورة البورجوازية إلا أنها كانت العامل الأساسي في نجاح الثورة الصينية التي قادها ماو بحكم شروط الحياة المادية للصين التي تعتمد الزراعة في الإنتاج ، إلا أنها لم تستطع قيادة الثورة البورجوازية بالصين نحو النجاح و تحقيق الثورة الإشتراكية التي سبق و أن تم تحقيقها بالإتحاد السوفييتي و شرق أوربا بعد الحرب الإمبريالية الثانية ، ذلك ما نراه اليوم في شكل الصين الإمبريالي من خلال إغراق السوق العالمية بالمواد الصناعية الإستهلاكية الصينية الرخيصة التي تمت صناعتها في ظروف من استغلال أشبه بالعبودية لجماهير العاملات و العمال بمعامل و مصانع الرأسماليين ، و النظام الصيني أخذ اليوم ينحو منحى إمبريالي في محاولته البحث عن مصادر الطاقة خارج الصين خاصة في أفريقا الفقيرة شعوبها في ما يسمى بمنافسة الإمبرياليات التقليدية ، بينما جماهير العاملات و العمال محرومين من الحقوق حتى البورجوازية منها التي تميز اختار الطبقة البورجوازية الحاكمة بالصين و التي تستغل اسم الحزب الشيوعي في السيطرة البيروقراطية ، عكس روسيا و دول الإتحاد السوفييتي المفككة و دول شرق أوربا التي لم تستطع أن تتحول بعد إلى إمبرياليات ناشيئة رغم طموح روسبا في ذلك نظرا لعراقيل التجربة الإشتراكية التي طبع القوى المنتجة بالطابع الإشتراكي الذي سيلازم هذه المجتمعات إلأى حين إعادة إعادة الثورات الإشتراكية من جديد.
هكذا تكون الجربة الثورية الصينية عاجزة عن بناء أسس النظام الإشتراكي رغم أنها حملت في حينها لواء الصراع الأيديولوجي و السياسي ضد التحريفية بالإتحاد السوفييتي خلال 20 عاما ، و ذلك لكون المجتمع الصيني ذو بنية فلاحية فقيرة و هي تفتقر لأسس الصناعة العصرية بحكم تأخر الثورة البورجوازية فيها عن جارتها روسيا بحوالي نصف قرن ، و اعتبارها شبه مستعمرة من طرف الإمبريالية إلى حدون نهاية الحرب الإمبرالية الثانية التي انتصرت فيها الثورة الصينية ، و هي بأعدادها الغفير التي بلغت أثناء الثورة البورجوازية حوالي ثلث سكان العالم 90% منهم فقراء ينخرهم الجهل و الأمية ، كل هذه الشروط و غيرها تضع أمام الثورة الصينية تناقضات هائلة تعرقل تحقيق الثورة البورجوازية ناهيك عن الإنتقال إلى البناء الإشتراكي ، و القيادة الشيوعية الصين في نظري ارتكبت أخطاء تكتيكية و استراتيجية أساسية فادحة منها :
على مستوى الإستراتيجية إشعال الحرب ضد التحريفية ، صحيح أنه لا يجب السكوت عن البيروقراطية التحريفية في الإتحاد السوفييتي إلا أنه لا يجب أن يكون هذا الصراع أساسيا استراتيجيا في سياستها ، لكون الصين في مرحلة البناء الجنيني للمجتمع الجديد بينما أعظم تجربة اشتراكية في العالم يتم تخريبها في أقرب نقطة منها ، حيث أن الصراع الأيديولوجي و السياسي لا يمكن إنقاذ النظام الإشتراكي من الهاوية التي عصفت التحريفية في اتجاهها، الخطأ السياسي الإستراتيجي الثاني في نظري هو اعتقاد القيادة الشيوعية الصينية أن التسلح سينقد هذه التجربة العظيمة من الهلاك فسارعت إلى كسب موازين القوى العسكرية و أخذت توظف الأموال الهائلة في بناء الترسنة العسكرية النويية و مختلف أنواع الأسلحة المدمرة ، اعتقادا منها أن السباق نحو التسلح سينقد الإشتراكية و هي لم تملك القدرة على تتذكر نتائج حرب التحرير الشعبية التي انتصرت فيها ، و أن هذا الإنتصار موكول إلى سواعد البروليتاريا و الفلاحين الصامدين أمام الإمبريالية بالأمس القريب ، هذين الخطأين الفادحين في نظري دفعا القيادة الصينية في السير في الحلول البورجوازية لمشاكلها الإقتصادية العويصة مما دفعها باتكاب أخطاء تكتيكية قاتلة منها :
التسلق للحصول على مقعد يتيم في الأمم المتحدة الأداة الإمبريالية لتمرير القوانين الدولية المجحفة في حق الشعوب لاستعمارها ، و هي ترضى بهذا المقعد البئيس من أجل المنافسة السياسية البورجوازية مع التحريفية و الإمبريالية معتقدة أنها بهكذا سياسة ستهزمهما أمام أنظار العالم و تنقد الإشتراكية من الهاوية و بقيت القيادة الصينية هكذا تطحن الريح في طاحونة الهواء ، و بدأت المشاكل الإقتصادية تتعقد و التناقضات الداخلية تتعاظم و البيروقراطية تنخر النظام القائم بالصين ، و لم يفلح ماو في القضاء على التحريفية الداخلية التي رغم اكتشافها تعامل معها بشكل فج وفق الحلول السياسية البورجوازية التي تحكم تفكير القيادة الصينية ، معتقدة أنها بتصفية بعض الأشخاص في ما سمي بالثورة الثقافية يمكن القضاء على التحريفية التي أصبحت جزءا من الهيكلة التنظيمية لنوعية النظام الصيني الذي تم إقامته على أنقاض الثورة البورجوازية الفاشلة التي لعب فيها الفلاحون دورا هاما ، ناسية أن بناء القوى المنتجة في الصين هش حيث اعتماده على أنقاض الصراع بين الإقطاع و العبيد الذي تم تجاوزه تاريخيا بعد صعود البروليتاريا و تحقيق الثورة و البناء الإشتراكي بالجارة الإتحاد السوفييتي ، و لم تفلح هذه القيادة في البناء الإقتصادي الإشتراكي نظرا لعوائق موضوعية لا يمكن تجاوزها تاريخيا و إلا سقط الدياليكتيك الماركسي الذي اعتبر البروليتاريا الطبقة الحاسمة في الثورة الإشتراكية و حتى البورجوازية في القرن 20 بعد كمونة باريس و الثورة الإولى بروسيا في 1905 .
تأثير هذه الأخطاء على ارتكاب أخطاء اقتصادية قاتلة بتجاوز القيادة الصينية للحقائق الإقتصادية التي تم اكتشافها خلال التجربة الإشتراكية ، و ضيعت وقتها في الشروع في البحث عن نظريات اقتصادية جديد موهومة متناسية إنجازات التجربة الإشتراكية بالإتحاد السوفييتي و بقي الإقتصاد الصيني ضحية هذه المحاولات الفاشلة ، و ذلك من طبيعة الممارسة العملية لهذه القيادة و المنفصلة عن النظرية الماركسية اللينينية معتقدة أن النظرية الثورية يمكن الرجوع بها إلى الخلف للبحث عن الحلول الممكنة للتناقضات الإجتماعية ، في ظل نمط الإنتاج الإقطاع الذي يتسم بتمركز الإنتاج في المجال الفلاحة التي لا تعتبر قوى الإنتاج التي تنبتق منها قوى ثورية في عصر الرأسمالية ، و الحلول الممكنة تم تحقيقها تاريخيا و هي لا جدال فيها لكون الرأسمالية الصاعدة و الأفكار البورجوازية التقدمية في حينها قضت على أسلوب الإنتاج الفلاحي التقليدي ، و انتقل الصراع الطبقي من صراع بين العبيد و الإقطاع إلى صراع أساسي بين البروليتاريا و البورجوازية ، هذا حل تاريخي لا يمكن زحزحته و استخلص منه ماركس قوانين تطور المجتمعات البشرية التي لا يمكن زحزحتها و إلا فإن فكر القيادة الصينية ليس بالماركسي و هو شيء آخر ، لقد أكد ماركس أن الإشتراكية هي الحل لنفي التناقض الأساسي بين البروليتاريا و البورجوازية من أجل الشيوعية ، و لتحقيقها وضع لها أسسا سياسية و تنظيمية و تم تحقيقها بفضل الماركسية اللينينة كنظرية ثورية في عصر الإمبريالية ، و الشاهد على ذلك نجاح الثورة الإٌشتراكية بالإتحاد السوفييتي و إلا فالقيادة الصينية تريد تجاوز التاريخ و تبحث عن الحلول خارج التاريخ ، الذي وضع ماركس أسسه النظرية و طورها لينين في النظرية الماركسية اللينينية التي عمقها ستالين في البناء الإشتراكي بعد الثورة.
إن التجربة التي مرت بالصين في فترة وجيزة لم تستغرق أكثر من عقدين من الزمن لا هي ببورجوازية محضة و لا هي بشيه اشتراكية و لكن شيئا آخر لم نجد له بعد مفهوما صحيحا ، و لكنها تشكل تجربة لابد لنا من قراءتها من عدة زوايا أيديولوجية و سياسية و اقتصادية ، إنصافا لقائها ماو الذي حاول الدفع بالتجربة الإشتراكية إلى الأمام لكنه صدف عدة عراقيل أساسها تخريب التجربة الإشتراكية بقيادة التحريفية بالإتحاد السوفييتي ، و التحريفية معطى تاريخي تتم بوعي أو عن غير وعي و هذه الأخيرة أشد خطرا على الفكر الماركسي اللينيني حيث يحكمها الوهم من باب الثورية ، أما الأولى فهي قابلة للتصدي و ممارستها واضحة يمكن مجابهتها بالتسلح بالنظرية الماركسية اللينينية ، أتمنى للرفاق المتشبتين بالتجربة الماوية أن يتفهموا نقدي لتجربة ماو العظيمة ، و هي عظيمة في عدة جوانب خاصة منها مستوى حرب التحرير الشعبية و تكتيك التحالف مع الخصم ضد العدو في أفق استراتيجية القضاء على العدو و الخصم معا و هنا تكمن عبقرية ماو الفذة في هزمه الإمبريالية و الإقطاع في نفس الوقت و تحقيق الثورة البورجوازية ، و لكنه فشل في فهم البنية الإقتصادية الهشة التي تعرقلها القوى المنتجة المتخلفة في ظل مجتمع زراعي و هي في حاجة ماسة إلى تطوير الصناعة من أجل تطوير الفلاحة وتنمية القوى المنتجة التقدمية التي يجب أن تلعب فيها البروليتاريا دورا هاما ، بدل تدمير الإقتصاد الصيني بالإسراع نحو التسلح الذي أثقل كاهل الشعب الجائع المحتاج إلى توفير الغذاء و الإكتفاء الذاتي.
و في ظل العوامل السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية خلال القرن 19 و التي اتسمت بتصاعد البورجوازية و هيمنتها على السلطة السياسية و الاقتصادية ، التي نتج عنها تصاعد الرأسمال الصناعي و هيمنته على الحياة داخل المجتمعات الرأسمالية بعد زوال مرحلة المانيفاكتورة التي اتسمت بهيمنة الرأسمال التجاري ، و بروز الرأسمالية التنافسية المتسمة بهيمنة بعد الإنجازات الهائلة للثورة الصناعية ، و برزت ضرورة مواجهة الإيديولوجية البورجوازية التي تحاول السيطرة و الهيمنة على البروليتاريا و استغلالها لتراكم الرأسمال في أيدي أقلية من البورجوازيين على حساب قوة عمل البروليتاريا ، و كان ماركس و إنجلس المناضلان الثوريان اللذان أناطا بهذه المهمة التاريخية بصياغتهما للنظرية الثورية البروليتارية و حزبها الثوري ، و كانت المهمة الملقاة على عاتقهما أشد و أعمق لما تطلبت منهما المرحلة التاريخية من نضال أيديولوجي و سياسي ، من أجل بلورة مفهوم الثورة و الحزب الثوري و كانت صياغة البيان الشيوعي و تأسيس الأمية الشيوعية جوابا حاسما على المهام الثورية المطروحة عليهما ، و ساهما في ثورة 1848 التي قال عنها إنجلس :
" لقد انطلق غضب الشغيلة على مداه ضد الوزارة و البرلمان اللذين لم يلبيا أيا من آمال الشغيلة ، بل كانا يتخذان كل يوم قرارات لصالح البورجوازية و معادية للعمال " و قد تميزت ثورة حزيران هذه بكونها محض عمالية و تختلف عن سابقاتها التي رفعت شعار: " الموت في سبيل الوطن"، حيث إن شغيلة حزيران يقول إنجلس :" كانوا يقاتلون في سبيل حقهم في الحياة" و تمت مواجهتهم بالرصاص ، و منذ ذلك التاريخ لم تكن هناك ثورة لم تقدها البروليتاريا كما هو الشأن في سنوات 1871 و 1905 ، و أروعها ثورة أكتوبر 1917 التي أحدثت تحولات جذرية في تاريخ الحركة الاجتماعية مع انتصار الثورة البروليتاريا .
لقد صاغ ماركس و إنجلس "البيان الشيوعي" الذي يعتبر مذهب الشيوعية و الشيوعيين و الذي تم إعلانه في 1848 و الذي أوضحا فيه دور البروليتاريا التاريخي في حسم الصراع الطبقي ، و يقسم لينين المراحل التاريخية لتطور المذهب الماركسي إلى ثلاثة مراحل منذ صدور هذا البيان و هي :

ـ مرحلة الثورات الممتدة ما بين 1848 و 1871 ، و في بداية هذه المرحلة لم يكن مذهب ماركس سوى فرعا من فروع التيارات الإشتراكية ، و في أواخر هذه المرحلة مرحلة العواصف و الثورات ماتت إشتراكية ما قبل ماركس بميلاد الأممية الأولى 1864ـ1872 و الحزب الإشتراكي الديمقراطي الألماني .
ـ المرحلة ذات الطابع "السلمي" الممتدة ما بين 1872 و 1905 و التي تشكلت فيها الأحزاب الإشتراكية ذات البعد البروليتاري و التنظيمات الموازية لها في كل مكان في الغرب ، حيث انتهى الغرب من الثورة البورجوازية و يتم تحضير الشرق لهذه الثورة ، و عرفت هذه المرحلة انتصارا ساحقا لمذهب ماركس مما دفع الليبرالية إلى أن تعلن حربها ضد مذهبه تحت أقنعة الإنتهازية الإشتراكية ، و اكتسبت أنصارها في صفوف البرلمانيين الإشتراكيين و الموظفين و في الحركة العمالية و المثقفين .
ـ مرحلة الثورات الشرقية فبعد ثورة 1905 بروسيا جاءت الثورة التركية فالإيرانية و الصينية قبل أن ينتهي الإنتهازيون من التشدق ب"السلام الإجتماعي" و "الديمقراطية" ، لتبدأ مرحلة العواصف و "تأثيرها بالإتجاه المعاكس" في أوربا .
و يمكن إضافة المراحل التالية :
ـ مرحلة البناء الإشتراكي بعد انتهاء الحرب الأهلية من 1922 إلى 1953 تم فيها وضع الدستور الإشتراكي و الإقتصاد الإشتراكي و بناء أسس النظام الإشتراكي بالإتحاد السوفييتي بتركيز أسس علاقات الإنتاج الإشتراكية و تطوير الصناعة و دورها في تطوير الفلاحة ، و بالتالي الشروع في محو الطبقات بوضع أسس سيطرة البروليتاريا بعد القضاء على الطبقة البورجوازية و الكولاك و الإنتاج الفردي في الفلاحة و الإنتاج البضاعي في الصناعة.
ـ مرحلة هدم النظام الإشتراكي و الإقتصاد الإشتراكي بالإتحاد السوفييتي من 1953 إلى 1990 تم فيها هدم أسس الإشتراكية بالرجوع إلى النظام الرأسمالية و تركيز السلطة البيروقراطية و ترويج الصناعة الحربية ، من أجل تهييئ الشروط المادية لبلوغ مرحلة الإمبريالية التي لا مناص من بلوغها بطبع التطور الرأسمالي.
ـ مرحلة الأزمة الإشتراكية منذ 1991 بعد انهيار الإتحاد السوفييتي و انتشار الإنتهازية التحريفية في أوساط الماركسيين اللينينيين ، و بالمقابل تنامت الحركات الإجتماعية عبر العالم و بروز التجارب الإشتراكية بأمريكا اللاتينية في ظل الأزمة الخانقة للرأسمال المالي ، التي تتسم بالبعد الديمقراطي في الوصول إلى السلطة لكن دون أن ترقى إلى مستوى الثورة البولشيفية في دولة دكتاتورية البروليتاريا ، كما نمت حركة فكرية عبر العالم في محاولات لبعث الفكر الماركسي اللينيني و هي تتخبط في النقاشات الأيديولوجية و السياسية حول التجارب الثورية العالمية ، و هذه المرحلة تهمنا أساسا في علاقتها بالتجربة الإشتراكية بالإتحاد السوفييتي و نظر الماركسية اللينينية حولها ، و التي لعبت فيها البيروقراطية الخروتشوفية دورا كبيرا لفتحها الطريق أمام سقوط النظام الاشتراكي بالإتحاد السوفييتي بعد أزيد من ثلاثة عقود و نصف من التراجعات عن الخط و الإستراتيجية اللينينيين ، و العمل جنبا إلى جنب مع الرأسمالية الإمبريالية الأمريكية من أجل بعث الرأسمالية بروسيا خلال مرحلة ما يسمى بالحرب الباردة ، و يتجلى ذلك في التراجع عن الاقتصاد الاشتراكي الذي يتسم بالبعد الاجتماعي و ضباع الجهد فغي استصلاح الأراضي الفلاحية و بالمقابل تشجيع العسكرة و الصناعة العسكرية و ترويج الأسلحة بخلق بؤر التوتر ، و تشجيع الحروب اللصوصية للرأسمالية الإمبريالية في آسيا و أمريكا اللاتينية و أفريقيا سعيا إلى تقسيم العمل دوليا مع الإمبريالية ، و فرض الهيمنة الأيديولوجية التحريفية على الأحزاب الشيوعية في أوربا الغربية و البلدان العالمثالثية لمنعها من تنظيم البروليتاريا و قيادة الثورة الإشتراكية ، مما ساهم في التراجع عن الخط و الإستراتيجية اللينينيين بالدخول في توافقات مع الأنظمة الرأسمالية الأوربية و الرجعية التابعة لها في البلدان العالمثالثية ، مما دفع بالعديد من المناضلين الثوريين في العديد من الأحزاب الشيوعية إلى الانسحاب من هذه الأحزاب التي أصبحت بورجوازية إصلاحية و تأسيس تنظيمات ماركسية لينينية سرية كبديل للخط البيروقراطي داخل هذه الأحزاب .
لقد كرس ماركس و إنجلس حياتهما لدراسة تطورات المجتمعات البشرية لكشف القوانين التي تحكم تطورها و ذلك بإخراج دياليكتيك هيكل من الفكر إلى الواقع ، و أوضح أن الأساس الاقتصادي ذو أهمية قصوى في التحولات المعرفية فكلما طرأ عليه تغيير إلا و تغيرت المعرفة التي تلازمه ، و لا يمكن البحث عن جذور حدث فكري معين و عن مصادره الاجتماعية بالاكتفاء بمعرفة مستوى تطور القوى المنتجة بل يتم ذلك بالمعرفة الكاملة للنظام الاقتصادي للمجتمع ككل ، و ذلك بالبحث عن التوافق أو عدم التوافق بين القوى المنتجة و علاقات الإنتاج ، و يجب البحث عن مصادر الأفكار الجديدة في الصراع بين القوى المنتجة الجديدة و علاقات الإنتاج القديمة و أكد لينين على أن :
ـ الأفكار التقدمية مصدرها القوى المنتجة الجديدة في صراعها مع علاقات الإنتاج القديمة .
ـ التناقض بين القوى المنتجة الجديدة و علاقات الإنتاج البائدة في النظام الاقتصادي السائد هو مصدر النزاعات الاجتماعية و تنامي الصراع الطبقي و بالتالي مصدر الثورات الإجتماعية .
و في كل مرحلة تاريخية التي تحدث فيها تحولات اقتصادية تلازمها تحولات في المعرفة التي يجب أن تواكب هذه التحولات الإقتصادية التي تحدثها تحولات القوى المنتجة التي أصبجت جديدة ، و بالتالي تصبح الأفكار التقدمية نتاج هذه التحولات الإقتصادية الجديدة ذات تأثير على الحياة المادية للمجتمع ككل ، و ذلك وفق شروط الحياة المادية الجديدة لهذه المرحلة التاريخية ، و يمكن ملاحظة هذه التحولات و اكتشاف قوانينها و أطلعنا التاريخ على بعض المحطات التي اكتست أهمية قصوى في هذا المجال و هي :
ـ في إنجلترا القرن 17: الثورة الصناعية أنتجت الأفكار الاقتصادية الجديدة التي ساهمت في بلورة مفهوم الإقتصاد السياسي الذي طور ماركس.
ـ في فرنسا القرن 18 : الأفكار البورجوازية أنجزت الثورة البورجوازية بقيادة الطبقة البورجوازية التي فتحت الباب أمام الحركة الإشتراكية كحل لتناقضات الرأسمالية و التي اكتشفها ماركس و إنجلس.
ـ في المانيا القرن 19 : الأفكار الماركسية أنجزت الثورة البورجوازية بقيادة البروليتاريا و التي عمقت النظرة المادية للإشتراكية العلمية و أبرزت أهمية الماركسية في تحطيم الرأسمالية.
ـ في روسيا القرن 20 : الأفكار الماركسية اللينينية أنجزت الثورة الاشتراكية بقيادة البروليتاريا التي بينت بالملموس صحة النظرية الماركسية اللينينية كنظرية عصر الإمبريالية.
و لمعرفة الجذور التاريخية للماركسية للينينية لا بد من دراسة الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية التي أنتجتها و التي أفرزت الفكر الماركسي اللينيني كنظرية ثورية ، و تحليل الجذور التاريخية للماركسية للينينية كفيل بدراسة الأسباب و الشروط المادية التي تؤدي إلى ولادة و تطور الأشكال الجديدة للوعي الاجتماعي و للأفكار و النظريات السياسية التقدمية ، و التي تم إنتاجها خلال البناء الإشتراكي الذي قاده ستالين و القوى المنتجة الإشتراكية التي أفرزها النظام الإشتراكي ، و اعتبر ماركس الدولة الأداة الطبقية التي تمارس بها الطبقة المسيطرة دكتاتوريتها و أكد على أن البروليتاريا لا بد لها من دولة دكتتاتورية البروليتاريا بعد الثورة الإشتراكية ، وأكد على أن المحرك الأساسي للتاريخ هو الصراع الطبقي الذي يقوم على أساس الصراع بين القوى المنتجة الجديدة و علاقات الإنتاج القديمة ، و الذي ينتج أفكارا و نظريات جديدة تقدمية على الرغم من بقاء بعض الأفكار القديمة سارية المفعول في الأنظمة الجديدة و هي ليست أساسية في التغيير ، و الفكر الماركسي اللينيني الذي أفرزته شروط الحياة المادية للمجتمع الروسي ، يعتبر نظرية و تكتيك الثورة الإجتماعية الاشتراكية و نظرية البروليتاريا في صراعها مع البورجوازية و يرتكز إلى :
ـ الدياليكتيك الماركسي/المادية الجدلية و المادية التاريخية .
ـ الإقتصاد السياسي لكل من ماركس و لينين .
ـ الإقتصاد الاشتراكي و النظام الاشتراكي لستالين.
و لمعرفة الفكر الماركسي اللينيني لا بد من دراسة شروط الحياة المادية التي أفرزته و خاصة شروط الحياة المادية للمجتمع الروسي التي أعطت أعمال لينين الفكرية و العملية قبل و بعد الثورة الاشتراكية و ما تلا ذلك من أعمال ستالين الفكرية و العملية خلال عصر الإمبريالية ، و لمعرفة الجذور التاريخية للهجوم على الماركسية اللينينية اليوم لا بد من دراسة الشروط المادية التي أدت إلى انهيار النظام الاشتراكي بالإتحاد السوفييتي و خاصة في المرحلة الممتدة بين 1953 و 1990 ، و التي تم فيها الهجوم على ستالين من طرف خروتشوف و الزمرة البيروقراطية الحاكمة مستهدفين في هجومهم الماركسية اللينينية ، سعيا منهم إلى ضرب أسسها سياسيا و اقتصاديا من أجل تدمير النظام الاشتراكي ذي البعد الاجتماعي بالرجوع إلى النظام الرأسمالي التناحري ، و ذلك عبر تشجيع الصناعة العسكرية و ترويج الأسلحة و إشعال الحروب في ظل ما يسمى بالحرب الباردة ، إن شروط الحياة المادية في هذه المرحلة تسير في اتجاه عرقلة القوى المنتجة الاشتراكية و بالتالي إنتاج أفكار و نظريات معاديةللماركسية اللينينية ، حيث يعتبر الهجوم على ستالين هجوما على اللينينية اللينينية من أجل هدم الاقتصاد الاشتراكي و بالتالي هدم النظام الاشتراكي ، و لا بد من الوقوف عند النظرية الماركسية اللينينية في شقها السياسي بعد انتصار الثورة الإشتراكية و البناء الإشتراكي و في شقها الإقتصادي من خلال مفهوم الرأسمال المالي و علاقته بالرأسمالية الإمبريالية و علاقتهما بالوضع العالمي الحالي سياسيا و اقتصاديا.
إن دراسة مراحل تطور الحركة الماركسية و خاصة الماركسية اللينينية التي تعتبر فيها كتابات لينين ذات أهمية قصوى من خلال دوره الكبير في تطوير الماركسية نظرية و ممارسة ، و ذلك بتحديد المراحل المهمة في تاريخ و تطور الحركة الماركسية في القرن 20 خاصة في المرحلة مابين 1903 و 1924 ، و هي المرحلة الحاسمة في وضع أسس الماركسية اللينينة كنظرية ثورية لإنجاز الثورة الإشتراكية و البناء الإشتراكي ، و اعتمد في ذلك الدياليكتيك الماركسي في صياغة استنتاجاته عبر العلاقة الجدلية بين النظرية الثورية و الممارسة الثورية ، و صاغ قوانين التطور الاجتماعي وفق شروط الحياة الإجتماعية لعصر الرأسمالية الإمبريالية و الثورة الإشتراكية ، و تعتبر تجربته في بناء الحزب الثوري و إنجاز الثورة الاشتراكية و الدفاع عن الوطن الاشتراكي من بين الأسس الهامة في البناء الاشتراكي و التي تميز الماركسية اللينينية ، حيث أصبح الحزب البولشيفي عاملا أساسيا في إنجاز مهمة الثورة الاشتراكية و البناء الإشتراكي في ظل دولة دكتاتورية البروليتاري ، و الثورة الإشتراكية ليست إلا لحظة تاريخية حققها التحول الكمي في القوى المنتجة الجديدة بروسيا التي أفرزت التحول الكيفي الذي أعطى فجر المجتمع الاشتراكي ، و لكن هذا الإنجاز العظيم ليس بالمهمة السهلة في ظل الحرب الإمبريالية التي أصبحت عائقا أساسيا أمام إنجاز الثورة و الشروع في البناء الاشتراكي، و الحرب كانت من بين العوائق التي اعترضت البناء الاشتراكية بعد الثورة و التي أرغمت لينين من باب الدفاع عن الوطن الاشتراكي على وضع جميع القوى و الموارد بالبلاد في خدمة هذا الغرض ، و عمل على استنفار جميع المنظمات الثورية في جميع بقاع البلاد من منظمات السكك الحديدية و السوفييتات و المواصلات و غيرها لحماية جميع احتياطات الحبوب و المأكولات و جميع الأموال التي تتهدد بالسقوط في يد العدو ، و تجنيد جمع العمال و الفلاحين في كتائب و كذا الطبقة البورجوازية الصغرى القادرة على العمل رجالا و نساء من أجل الدفاع عن الثورة الاشتراكية .
و اعتبر لينين سنوات ما بين 1903 و 1905 بأنها سنوات إعداد الثورة و ذلك عبر الحركة الثورية التي عرفتها التيارات السياسية الثلاث الأساسية في روسيا ، و هي التيار البورجوازي الليبرالي و التيار الديمقراطي البورجوازي الصغير و التيار البروليتاري الثوري التي تتصادم آرائهم و برامجهم في الواقع الاجتماعي ، هذه الحركة التي أعطت خلال سنوات 1905 و 1907 النضال الإضرابي و الاقتصادي الذي تحول إلى إضراب سياسي و بالتالي إلى انتفاضة شعبية ، و قد تحول النضال العفوي إلى الشكل السوفييتي للتنظيم الذي تقوده البروليتاريا ، هذه الحركة التي أعطت نتاج النضال الثوري لسنوات 1917 و 1920 .
و يتحدث لينين عن سنوات الرجعية ما بين 1907 و 1910 بعد فشل الثورة الأولى التي انتصرت فيها القيصرية و قضت على جميع الأحزاب الثورية و المعارضة ، و اعتبرها مرحلة الرجعية لأنه تمت الرجعية في كل المجالات الفكرية و السياسية و النضالية ، و يقول عنها لينين : "و محل السياسة حل الانحطاط و التفسخ و الانشقاق و التشويش و الارتداد و الخلاعة ، و اشتد الجنوح نحو المثالية الفلسفية ، و غدا التصوف ستارا للنزعات المعادية للثورة ، بيد أن الهزيمة الكبيرة بالذات تعطي في الوقت نفسه الأحزاب الثورية و الطبقة الثورية درسا واقعيا من أنفع الدروس ، درس الدياليكتيك التاريخي ، درس فهم النضال السياسي و الحذق في فن خوضه . إن الصديق وقت الضيق . و الجيوش المهزومة تتعلم دائما بهمة و اجتهاد ".
و تعلم لينين دروسا عظيمة في فشل الثورة الأولى و استخلص منها عبرا عظيمة من أجل البناء الحقيقي للحزب الثوري و وضع أسسه النظرية من خلال العلاقة الجدلية بين السرية و العلنية ، بين العمل الثوري للمحترفين الثوريين و العمل الجماهيري للمنظمات العمالية ، و كانت نتائج هذه الثورة من جهة أخرى عظيمة حيث أرغمت القيصرية على الإستعجال بالقضاء على مظاهر ما قبل البورجوازية ، مما أدى إلى فرض البناء البورجوازي على الدولة القيصرية الشيء الذي ساهم في بلورة الصراع الطبقي بين البروليتاريا و البورجوازية بشكل واضح.
و أول درس في الصراع ضد البورجوازية استخلصه لينين هو كيف أن البروليتاريا تعلمت قبل الثورة كيفية الهجوم الصحيح و عليها بعد فشل الثورة أن تتعلم كيفية التراجع الصحيح ، و قال :" إنه يستحيل الانتصار بدون تعلم علم الهجوم الصحيح و التراجع الصحيح " ، و كان الحزب البولشفي هو الوحيد الذي استطاع الخروج من هزيمة الثورة قويا عكس التيارات السياسية الأخرى .
و اعتبر سنوات 1910 و 1914 مرحلة النهوض خاصة بعد حوادث "لينا" التي تم فيها إطلاق النار على العمال المضربين في مناجم الذهب ، مما أدى إلى التضامن العمالي الذي أسفر عن المظاهرات في الشوارع و الإضرابات و الإجتماعات المنظمة في جميع أنحاء روسيا ، و انتصر البلاشفة على المناشفة الذين استغلتهم القيصرية ضد الثورة منذ 1905 كعملاء البورجوازية داخل الحركة العمالية ، و كان انتصار البولشفية على المنشفية أساسيا في نجاح الثورة الإشتراكية نتيجة تاكتيك استعمال فن العلاقة الجدلية بين السرية و العلنية ، حيث استطاع البلاشفة احتلال جميع المقاعد العمالية بالدوما الرجعية في صراعهم العلني ضد البورجوازية و الكولاك.
و شكلت مرحلة الحرب الإمبريالية بين 1914 و 1918 محطة أساسية في حياة الحزب البلشفي حيث أشعلت الحرب بين البلاشفة و القيصرية عبر مناهضة النواب البلاشفة دخول روسيا الحرب الإمبريالية ، الذين رفضوا التصويت لصالح الإعتمادات الحربية و قاموا بالدعاية ضد الحرب في صفوف الجماهير مما دفع القيصرية باعتقالهم و محاكمتهم و نفيهم إلى سيبيريا ، و كان الحزب البلشفي قبل الحرب يفضح ممارسة الإنتهازية التحريفية للإٌشتراكية- الشوفينية و الكاوتسكية و اللونغيتية و الفابية و التوراتية و غيرها ، حتى أصبحت الجماهير مقتنعة بصحة الخط و الإستراتيجية البلشيفيين و بتجربتهم الخاصة من أجل إنجاز الثورة الإشتراكية ما بين 1917 و 1920 .
كانت تلك أهم المراحل التاريخية لتهييء الثورة البولشيفية منذ تأسيس الحزب البولشيفي إلى حين انتصار البلاشفة و وصولهم إلى السلطة بعد إسقاط القيصرية و الإنتهازية المنشفية ، و برز دور الحزب البلشفي في إنجاح الثورة الاشتراكية الذي أولاه لينين أهمية قصوى بتعزيز ما يسميه "المؤخرة" ، بنشر أسس الممارسة السياسية الثورية في أوساط الجماهير و بلورة الوعي السياسي في صفوفهم ، و لم يعر فقط الإهتمام للمسائل الدعائية و السياسية للحزب بل ساهم بشكل شخصي في الأنشطة السياسية عبر الخطب في اجتماعات العمال و الجنود الحمر و نشر المقالات في الصحف ، و كان يؤكد على أهمية المؤخرة المتماسكة و التنظيم الانضباطي الواعي اللذان يعتبرهما من أهم الشروط الأساسية لانتصار الثورة الاشتراكية ، و ألح على الأهمية القصوى الدقيقة لقوانين و توجهات السلطة السوفييتية و العمل على مكافحة المضاربين و المخربين و الجواسيس الذين يعملون لصالح الجيش الأبيض في المؤخرة السوفييتية ، كل ذلك "من أجل مواجهة رأسمالية قوية" كما قال .
و كان على الحزب البولشيفي أن يقود الحرب ضد اللصوص الملاكين العقاريين و الرأسماليين عبر بناء الجيش الأحمر من العمال و الفلاحين ، و المهمة الصعبة التي تلقاها لينين في ذلك هي مشكل قيادة الضباط القدماء الذين يتعاطفون مع الملاكين العقاريين و الرأسماليين ، و قد تم تسجيل الخيانات في صفوف هؤلاء الضباط القدماء ، و يعتبر لينين أن نظام الطاعة داخل الجيش الأحمر و الذي اعتنقه العمال و الفلاحون عن وعي هو السلاح الأساسي ضد أية مؤامرة تحاك ضد الثورة الإشتراكية ، و كانت الحرب الأهلية ما بين 1918 و 1920 مرحلة هامة في تعزيز مكانة الحزب البولشيفي و قررت اللجنة المركزية للحزب الوحدة العسكرية بين الجمهوريات السوفييتية و بين الجمهورية الروسية الإتحادية ، من أجل بناء الوحدة في الحرب لتحقيق الانتصار في الحرب الدفاعية عن الثورة الاشتراكية و الوطن الاشتراكي ، و عمل لينين على المتابعة اليومية لأطوار الحرب الأهلية في جميع الجبهات و المؤخرة أي في أوساط الجماهير ، و كانت مهمة التربية على الخصال و الأخلاق الشيوعية لدى الجيش الأحمر أمرا أساسيا في انتصاره على الأعداء الطبقيين ، و لم يتم ذلك إلا بفضل بناء الحزب الثوري الذي قاد حرب الدفاع عن المجتمع الاشتراكي .
و خاض لينين صراعا مريرا ضد الإصلاحيين المناشفة حول كيفية الرد على الحرب حيث يقول هؤلاء للعمال و الفلاحين أن الرد يجب أن يكون بالإضراب و الثورة ذلك ما يعتبر لينين أمرا مستحيلا بحكم التجارب السابقة ، و التي أثبتتها نتائج الحرب الأهلية التي انتصر فيها البلاشفة على الأعداء الطبقيين لكون التنظيم العادي للمطالب السياسية سيعجز حتما في الرد الحاسم على الحرب لأن الدفاع عن الوطن الاشتراكي بالقوة العسكرية أمر لا مفر منه ، مما يحتم تكوين تنظيم سري طويل الأمد يقوده الثوريون ضد الحرب عكس القيام بالإضرابات العلنية ، و قد سبق أن قام النواب البولشيفيين داخل البرلمان و خارجه بالدعاية ضد الحرب و كان جزاؤهم الاعتقال و المحاكمة و النفي كما تم سحق العمال و الفلاحين من طرف القيصرية في ثورة 1905 ، و لا يمكن مجابهة أعداء العمال و الفلاحين بالإضراب و الثورة خاصة بعد نتائج الحرب الأهلية التي بينت أهمية الدفاع عن الوطن الاشتراكي ببناء القدرات الدفاعية للجيش الأحمر ، و نهج لينين سياسة السلام الدولية بالنضال ضد الحروب الإمبريالية التي وضعها من بين المهام الأساسية للدولة السوفييتية ، و تم إرسال وفد إلى مؤتمر لاهاي للدفاع عن النضال ضد الحرب من خلال فضح ممثلي الإمبريالية الذين يدعون أنهم ضد الحرب .
هكذا وضعت الماركسية اللينينية الأسس التنظيمية و السياسية لنجاح الثورة الإشتراكية بالإتحاد السوفييتي بعد انتصارالبلاشفة في الحرب الأهلية ضد البورجوازية و الكولاك الذين تحالفوا مع المناشفة بدعم من الإمبريالية ، لينتقل الحزب الشيوعي إلى البناء الإشتراكي عبر بلورة الإقتصاد الإشتراكي وفق شروط الحياة المادية للمجتمع السوفييتي ، التي فرضتها ظروف الحرب على العمال و الفلاحين الذين أصبحوا يعانون من الجوع الذي يجب القضاء عليه قبل كل شيء بتوفير الغذاء للجميع أولا و قبل كل شيء ، و نهج لينين سياسة "النيب" التي تهدف إلى ضمان الإكتفاء الذاتي في الحاجيات اليومية الضرورية للحياة الكريمة لجماهير العمال و الفلاحين الذين ساهموا بسواعدهم في الإنتصار في الحرب الأهلية.
شكل الاستعمار و الحرب في الأطروحة الماركسية اللينينية تناقضين أساسيين ملازمين للرأسمالية الإمبريالية مما جعل لينين يعتمدهما في دراسته لعصر الإمبريالية على المستوى السياسي ، ساعيا إلى تحديد ملامح تطور الرأسمالية خلال العقدين الأول و الثاني من القرن 20 ، و تشكل سيطرة الرأسمال المالي على السوق العالمية تناقضا أساسيا على المستوى الإقتصادي ، انطلاقا من تطبيق الدياليكتيك الماركسي الذي يحدد قوانين تطور المجتمعات الرأسمالية عبر العلاقة الجدلية بين القوى المنتجة و علاقات الإنتاج باعتبار الإقتصاد الأساس المادي للتطور ، و يعبر لينين أن أساس الصراع بين الإمبرياليات ليس دبلوماسيا و لكنه يرتكز إلى التنافس الاقتصادي الذي أفضى إلى الاحتكارات الكبرى و استعمار الدول الفقيرة ، و بالتالي بروز الإحتكار الاقتصادي الذي يرتكز إلى تصدير الرساميل و تقسيم العمل عالميا و أن الحرب الإمبريالية ما هي إلا نتيجة هذا الصراع ، و هكذا اكتشف أن الإمبريالية ما هي إلا أعلى مراحل تطور الرأسمالية التي لا يمكن لها أن تحقق هذا الكم الهائل من وسائل الإنتاج إلا باضطهاد الشعوب الفقيرة من منطلقات امبريالية ، و اعتبر أن تطور وسائل الإنتاج في الدول الإمبريالية أدى إلى اضطهاد الشعوب الفقيرة و تعتبر السكك الحديدية و الكهرباء من بين هذه الوسائل التي سخرتها الإمبرياليات لاضطهاد هذه الشعوب.
و يقول لينين:" يبدو مد السكك الحديدية أمرا بسيطا وطبيعيا وديموقراطيا وثقافيا وتمدنيا، وهو يبدو كذلك في عيون الأساتذة البرجوازيين الذين تدفع لهم الأجور لكيما يجملوا وجه العبودية الرأسمالية، وفي عيون البرجوازيين الصغار التافهين الضيقي الأفق. أما في الواقع فإن الخيوط الرأسمالية التي تربط بألوف الشباك هذه المشاريع بالملكية الخاصة لوسائل الإنتاج بوجه عام قد جعلت من مد السكك الحديدية أداة لاضطهاد مليار من الناس (أشباه المستعمرات إضافة إلى المستعمرات)، أي لاضطهاد أكثر من نصف سكان الأرض في البلدان التابعة، وعبيد الرأسمال الأجراء في البلدان «المتمدنة».
واستنتج أن التطور الهائل لوسائل الإنتاج تسخرها الرأسمالية الإمبريالية لمزيد من الاحتكارات عن طريق تصدير الرساميل و جلب المواد الخام من البلدان الفقيرة ، و الذي نتج عنه سيطرت المال على التجارة العالمية التي تعتبر فيها السكك الحديدية " حاصل جميع الفروع الرئيسية في الصناعة الرأسمالية" كما يقول لينين ، نظرا للدور الذي تقدمه للرأسمالية الإمبريالية عبر تسهيل الاتصال بين جميع فروع الصناعة الرأسمالية و تطور التجارة العالمية و الحضارة البورجوازية ، هذه الوسيلة من وسائل الإنتاج التي تعتبر حاصل الرأسمالية الاحتكارية على المستوى العالمي و التي تعتمد علية الرأسمالية العالمية في بسط سيطرتها على الشعوب الفقيرة ، و لا يمكن للإستعمار أن يتم إلا بالحرب الإمبريالية ضد القوة الوطنية المناهضة له و توفير دعم الرأسمال المالي للحرب كما علمتنا تجارب الشعوب المضطهدة .
فخلال بداية القرن 20 تم انتقال كاهل الشعب المغربي بالديون التي تسلمتها السلطة القائمة بالبلاد من طرف فرنسا كمدخل لاستلاله ، و تحالفت الإمبرياليتان فرنسا و إسبانيا لتقسيم المغرب فيما بينهما بدعوى فرض الحماية و تصدى لهما الفلاحون الذين هبوا للدفاع عن الوطن ، و كانت الثورة الريفية بشمال المغرب أروع ما أنجزته حرب التحرير الشعبية ضد إسبانيا من 1919 إلى 1921 التي تم فيها طردها من جميع أراضي الريف بقيادة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي و بالتالي إقامة الجمهورية الريفية ذات مقومات الدولة الديمقراطية الحديثة من 1921 إلى 1926 ، و لم يكن بد أمام الإمبرياليتين إلا أن تتحالفا ضد الجمهورية الريفية و تدمرها بالحديد و النار في حرب شرسة استعملت فيه شتى أنواع العتاد العسكري المدمر بلع حد استعمال قنابل الغازات السامة ، لقد استطاعت حرب التحرير الشعبية الريفية انطلاقا من عدد محدود من الفلاحين المسلحين بالأسلحة التقليدية الصمود إلى حد تشكيل جيش بلغ 5/1 سكان الريف الذي بلغ آنذاك مليون نسمة ، و استطاعت حزم جيوش جزارة قادتها ماريشالات و جنرالات و أعداد غفيرة من الجيوش المجهزة بأحدث الآليات العسكرية من مدافع و طائرات.
إن الاستعمار و الحرب ملازمان للرأسمالية الإمبريالية و لا يمكن لأي تطور هائل لوسائل الإنتاج أن يحقق الديمقراطية في ظل الرأسمالية الإمبريالية ، ذلك لأن الإمبريالية تسخر هذه الوسائل من أجل اضطهاد الشعوب هذا ما نراه اليوم في الحرب الإمبريالية الثالثة التي بدأت منذ الحرب على العراق/حرب الخليج الأولى و و الثانية ، التي تقودها الإمبريالية الأمريكية ضد جميع الشعوب بما فيها الشعب الأمريكي الذي يعاني اليوم 40 مليون من سكانه من الفقر حسب الإحصائيات الرسمية ، و ما يميز الإمبريالية اليوم عن الإمبريالية في عصر لينين هو الشكل أما المضمون فهو قائم لم يتغير و هو صفتا الحرب و الاستعمار الملازمتان لها ، فإذا كانت بريطانيا قائدة الإمبرياليات في عصر لينين فإن الإمبرياليات اليوم تقودها أمريكا منذ نهاية الحرب الإمبريالية الثانية ، أما من ناحية الشكل فإذا كانت السكك الحديدية هي وسيلة الإنتاج التي استعملتها الإمبريالية منذ سنوات 1890 و 1913 عبر العالم للسيطرة على الشعوب و الكهرباء الطاقة الأساسية في ذلك ، و قال عنها لينين ك" إن الصناعة الكهربائية هي الصناعة الأكثر نموذجية بالنسبة لأحدث نجاحات التكنيك ولرأسمالية نهاية القرن التاسع عشر ومستهل القرن العشرين. وقد تطورت بوجه خاص في أرقى بلدين من البلدان الرأسمالية الجديدة ."
أما وسائل الإنتاج التي تعتمدها الإمبريالية اليوم في بسط سيطرتها الاقتصادية و العسكرية فهي الأسطولين الجوي و البحري و الطاقة النووية ، أما علوم الإعلاميات فما هي إلا آلية حديثة لخدمة وسائل الإنتاج المعتمة في السيطرة الإمبريالية على الشعوب و هي الطيران و البحرية والطاقة النووية التي أخذت احتلت الصدارة أمام البترول ، و قد علمتنا الحرب الإمبريالية الثالثة في كوسفو و العراق و أغانستان و لبنان و غزة و غيرها من مناطق العالم مدى أهمية الطيران و الأسطول البحري في بسط السيطرة العسكرية على الشعوب ، و تطوير الماركسية لا يمكن أن يتم خارج المنطلقات الأساسية للماركسية اللينينية التي لا يمكن تجاوزها بالرجوع إلى الخلف باستنباط الفكر من المذهب البورجوازي، هذا أول ما يمكن أن اعتباره قبل أية محاولة لتطوير الماركسية باعتبار الماركسية اللينينية نقيض أسس الرأسمالية الإمبريالية ، فما هي إذن الخصائص التي تميز الإمبريالية اليوم عن خصائص الإمبريالية في عصر لينين ؟ سؤال جوهري لابد للجواب عنه من الرجوع إلى منطلقات لينين لتحديد الرأسمالية الاحتكارية و الرأسمال المالي ، و ذلك بتطبيق الديليكتيك الماركسي باعتبار وسائل الإنتاج أساسية في تطوير النظام الرأسمالي و التي لعبت فيها السكك الحديدية دورا هاما في بداية القرن 20 و الكهرباء كطاقة أساسية ، فما هي الوسيلة التي استعملتها الإمبريالية في مراحل متقدمة ؟ و قبل أن نصل إلى دراسة الإمبريالية في عصرنا هذا لابد من الوقوف في ما قبل الحرب الإمبريالية الثانية ، التي اعتبرت نتاج الأزمة الخانقة للإمبريالية العالمية نتيجة الصراع بين الإمبرياليات حول إعادة تقسيم العمل بعد بروز النظام الإشتراكي بالإتحاد السوفييتي نقيض الإمبريالية ، فما هي وسيلة الإنتاج الجديدة التي ميزت مرحلة الحرب الإمبريالية الثانية ؟ لا يمكن أن تكون غير نتاج التطور الهائل الذي عرفه الطيران و الأسطول البحري ، و الذي لعب دورا أساسيا في قلب موازين القوى خلال الحرب الإمبريالية الثانية بسبب هذه الوسائل الجديدة المتطور في مجال الملاحة الجوية و البحري و الطاقة النووية التي أرعبت العالم بعد كارثتي هيروشيما و ناجازاكي ، و برز المنتظم الإشتراكي بقيادة الإتحاد السوفييتي الذي انتصر في الحرب ضد المنتظم الإمبريالية بقيادة أمريكا.
لا بد لنا من مقارنة تعريف لينين للإمبريالية مع شروط الحياة المادية للمجتمعات الرأسمالية اليوم للوقوف عند مميزات هذا العصر ، من هنا لا بد من جرد بعض أهم أقول لينين بشكل مستفيض يسمح لنا بالوقوف عند أهم الإشكالات التي طرحتها نظرية "الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية" ، و أستسمح القاريء عن طول السرد لأقوال لينين نظرا لأهميتها في تحليل الأوضاع الإقتصادية العالمية اليوم ، و سأعرض هنا بشكل مركز أهم التعاريف التي وضعها لينين و الإشكاليات التي طرحها و خلاصاته النهائية وهي :
ـ مدخل إلى تعريف الإمبريالية :" ينبغي علينا الآن أن نحاول استخلاص بعض النتائج، تعميم ما قلناه فيما تقدم عن الإمبريالية. لقد نشأت الإمبريالية باعتبارها تطورا واستمرارا مباشرا لما فطرت عليه الرأسمالية بوجه عام من خصائص أساسية. ولكن الرأسمالية لم تصبح إمبريالية رأسمالية إلاّ عندما بلغت في تطورها درجة معينة، عالية جدا، عندما أخذ يتحول إلى نقيضه بعض من أخص خصائص الرأسمالية، عندما تكونت وظهرت على طوال الجبهة كلها سمات مرحلة انتقالية من الرأسمالية إلى نظام اقتصادي اجتماعي أعلى. والأمر الأساسي في هذا السير هو من الناحية الإقتصادية حلول الاحتكارات الرأسمالية محل المزاحمة الحرة الرأسمالية. فالمزاحمة الحرة هي أخص خصائص الرأسمالية والإنتاج البضاعي بوجه عام؛ والاحتكار هو نقيض المزاحمة الحرة المباشرة، ولكن هذه الأخيرة أخذت تتحول أمام عيوننا إلى احتكار، منشئة الإنتاج الضخم ومزيحة الإنتاج الصغير، مُحِلَّة الأضخم محل الضخم، دافعة تمركز الإنتاج والرأسمال إلى درجة نشأت وتنشأ عنها الاحتكارات: الكارتيلات والسينديكات والتروستات والرأسمال المندمج فيها لنحو عشرة من البنوك التي تتصرف بالمليارات. وفي الوقت نفسه لا تزيل الاحتكارات المزاحمة الحرة التي نشأت عنها، بل تعيش فوقها وإلى جانبها، مولدة لهذا السبب جملة من التناقضات والاحتكارات والنزاعات في منتهى الشدة والقوة. فالاحتكار هو انتقال من الرأسمالية إلى نظام أعلى.
ـ التعريف الأول : " ولئن كانت هنالك ضرورة لتعريف الإمبريالية تعريفا غاية في الإيجاز، ينبغي أن يقال: الامبريالية هي الرأسمالية في مرحلة الاحتكار. ومثل هذا التعريف يضم الأمر الرئيسي، لأن الرأسمال المالي هو رأسمال بضعة من البنوك الاحتكارية الكبرى اندمج في رأسمال اتحادات الصناعيين الاحتكارية، هذا من جهة؛ ومن الجهة الأخرى، إن تقاسم العالم هو إنتقال من سياسة استعمارية تشمل دون عائق أقطارا لم تستول عليها بعد أية دولة رأسمالية إلى سياسة استعمارية تقوم على احتكار حيازة بقاع الأرض المقتسمة بأكملها."
و رأى لينين أن هذا التعريف لا يكفي لفهم معنى الرأسمالية الإمبريالية لهذا عمقه بقوله :
ـ التعريف الثاني :"ولكن التعاريف الموجزة للغاية وإن كانت ملائمة لأنها تلخص الأمر الرئيسي، لا تكفي مع ذلك ما دامت ثمة حاجة لتستخلص منها سمات في منتهى الأهمية تصف الظاهرة التي ينبغي تعريفها. ولذلك، ودون أن ننسى أن جميع التعاريف بوجه عام هي ذات طابع شرطي نسبي وأنها لا تستطيع أبدا أن تشمل جميع وجوه علاقات ظاهرة في حالة تطورها الكامل، ينبغي إعطاء الإمبريالية تعريفا يشمل علاماتها الخمس الأساسية التالية:
1) تمركز الانتاج والرأسمال تمركزا بلغ في تطوره حدا من العلو أدى إلى نشوء الاحتكارات التي تلعب الدور الفاصل في الحياة الاقتصادية.
2) إندماج الرأسمال البنكي والرأسمال الصناعي ونشوء الطغمة المالية على أساس «الرأسمال المالي» هذا.
3) تصدير الرأسمال، خلافا لتصدير البضائع، يكتسب أهمية في منتهى الخطورة.
4) تشكيل اتحادات رأسماليين احتكارية عالمية تقتسم العالم.
5) انتهى تقاسم الأرض إقليميا فيما بين كبريات الدول الرأسمالية.
فالإمبريالية هي الرأسمالية في مرحلة من التطور تكونت فيها سيطرة الاحتكارات والرأسمال المالي واكتسب تصدير الرأسمال أهمية كبرى وابتدأ تقاسم العالم بين التروستات العالمية وانتهى تقاسم الأرض كلها إقليميا بين كبريات البلدان الرأسمالية.
و حاول لينين وضع نظرية حول الإمبريالية انطلاقا من المعلومات الإقتصادية الدقيقة وفق النظرية الماركسية و قال :
"لابد لنا أن نتناول فيما يأتي «نظرية الإمبريالية العليا» هذه لكي نبين بالتفصيل إلى أية درجة تنفصل هذه النظرية بصورة قاطعة نهائية عن الماركسية. أمّا هنا، فينبغي علينا، وفقا للبرنامج العام الذي نتمشى عليه في هذا المؤلف، أن نلقي نظرة على المعلومات الاقتصادية الدقيقة المتصلة بهذه المسألة. «من وجهة النظر الاقتصادية الصرف» أيمكن وجود «ما فوق الإمبريالية»، أم أننا أمام ما فوق الهذر؟"
و يسير في تعميق نظريته بالقول :
"إذا فهم المرء وجهة النظر الاقتصادية الصرف على أنها التجريد «الصرف»، فكل ما يمكن قوله حينئذ يؤول إلى ما يلي: يسير التطور في اتجاه الاحتكارات، وعلى ذلك في اتجاه احتكار عالمي واحد، تروست عالمي واحد. هذا لا جدال فيه، ولكنه كذلك خال من كل معنى كما لو قال المرء أن «التطور يسير» في اتجاه إنتاج المواد الغذائية في المختبرات. و«نظرية» ما فوق الإمبريالية هي بهذا المعنى لغو لا طائل تحته كما لو قال المرء بـ«نظرية ما فوق الزراعة»."
و لم يكتف بهذا القدر نظرا لرغبته في تعميق نظريته حول الإقتصاد السياسي قائل :
"ولكن إذا تناول الكلام الظروف « الاقتصادية الصرف» لمرحلة الرأسمال المالي باعتبارها مرحلة محددة تاريخيا تقع في أوائل القرن العشرين، فإن أحسن رد على الصيغ المجردة الميتة بصدد «ما فوق الإمبريالية» تلك الصيغ التي لا تستهدف إلاّ أمرا رجعيا للغاية: إلهاء الأنظار عن عمق التناقضات القائمة ، هو معارضتها بالواقع الاقتصادي الملموس في الإقتصاد العالمي الراهن. إن أقاويل كاوتسكي عما فوق الإمبريالية، هذه الأقاويل الخالية من كل معنى، تشجع، فيما تشجع، الفكرة المغلوطة في عمقها والتي تصب الماء في طاحونة مداحي الإمبريالية، الفكرة القائلة بأن سيطرة الرأسمال المالي تخفف التفاوت والتناقضات في داخل الاقتصاد العالمي في حين أنها تشددها في الواقع."
و يشكل الرأسمال المالي المعطى الإقتصادي الأساسي في الرأسمالية الإمبرالية و يقول عند :
ـ " إن الرأسمال المالي المتركز في أيد قليلة والذي يمارس الاحتكار فعلا يبتز أرباحا طائلة تتزايد باستمرار من تأسيس الشركات وإصدار الأوراق المالية ومنح القروض للدولة الخ، موطدا بذلك سيطرة الطغمة المالية وفارضا على المجتمع بأكمله جزية لمصلحة المحتكرين."
و يضيف عن دور الرأسمال المالي في الإحتكار :
ـ " إن جسامة عائدات إصدار الأوراق المالية، بوصفه احدى عمليات الرأسمال المالي الرئيسية، تلعب دورا هاما للغاية في تطوير وتوطيد الطغمة المالية. وتقول المجلة الألمانية «البنك»: «لا يوجد في داخل البلاد مشروع يعطي، ولو على وجه التقريب، مثل هذه الأرباح العالية التي تعطيها الوساطة في إصدار القروض الأجنبية»"
و يقول عن الأزمة في الرأسمال المالي :
ـ " وإذا كانت أرباح الرأسمال المالي في منتهى الضخامة أثناء النهضات الصناعية، ففي أثناء مراحل الانحطاط تهلك المشاريع الصغيرة وغير الوطيدة؛ أما البنوك الكبرى فـ«تشترك» في شرائها بأسعار بخسة أو في «إشفائها» و«إعادة تنظيمها» جانية الفوائد من ذلك. وفي حالة «إشفاء» المشاريع المصابة بالعجز «يخفض الرأسمال المساهم، أي توزع المداخيل على رأسمال أقل وتحسب في المستقبل على أساسه. أو يجري، في حالة هبوط العائدات إلى الصفر، اجتذاب رأسمال جديد يحمل عائدات كافية بدمجه بالرأسمال القديم ذي العائدات القليلة». ويضيف هيلفردينغ قائلا: «ولنلاحظ في سياق الحديث أن جميع عمليات الإشفاء وإعادة التنظيم هذه هي، في نظر البنوك، ذات أهمية مزدوجة/ أولا، باعتبارها عملية رابحة وثانيا، باعتبارها فرصة ملائمة لتجعل الشركات المحتاجة في حالة تبعية لها»"
و يقول عن المضاربات العقارية باعتبارها من ميزات الرأسمال المالي :
ـ " ومن عمليات الرأسمال المالي الرابحة للغاية كذلك المضاربة بقطع الأراضي الموجودة في ضواحي المدن الكبرى التي تتسع بسرعة. وفي هذه الحالة يندمج احتكار البنوك باحتكار الريع العقاري وباحتكار طرق المواصلات، لأن ارتفاع أسعار قطع الأراضي وإمكانية بيعها بصورة مفيذة قطعا صغيرة الخ.، يتوقفان بوجه خاص على سهولة المواصلات مع مركز المدينة؛ ووسائط المواصلات هذه هي في أيدي الشركات الكبرى المتصلة بهذه البنوك ذاتها عن طريق نظام الاشتراك واقتسام مناصب المدراء. ويكون الحاصل ما أطلق عليه الكاتب الألماني ايشفيغه، المحرر في مجلة «البنك» والذي انصرف بصورة خاصة إلى دراسة عملية التجارة بقطع الاراضي ورهنها والخ.، اسم «المستنقع»: مضاربة مسعورة بقطع الأراضي في ضواحي المدن، إفلاس شركات البناء كشركة «بوسفاو وكناور» في برلين التي اكتسبت من النقود ما بلغ 100 مليون مارك بواسطة «البنك الألماني» «الضخم المعتبر» الذي كان يعمل بطبيعة الحال بموجب نظام «الإشتراك»، أي سرا، في الخفاء، والذي تخلص من الورطة ولم يخسر سوى 12 مليون مارك؛ ثم خراب صغار الملاكين والعمال الذين لم يقبضوا شيئا من شركات البناء المزيفة؛ وصفقات غير قانونية مع هيئات الأدارة والشرطة «النزيهة» في برلين من أجل وضع اليد على معاملات أعطاء شتى المعلومات عن قطع الأراضي ومنح رخص البلدية لتشييد الأبنية وغير ذلك وهلم جرا."
هذه بعض الإشكاليات التي تناولتها نظرية لينين حول الرأسمالية الإمبريالية و التي مازال تلازم الرأسمال المالي اليوم مما يفند أصحاب نظرية ما فوق الإمبريالية ، التي فندها لينين في قوله "الإمبريالية عشية الإشتراكية" بمعنى ليس هناك نظام ما بعد الإمبريالية إلا النظام الإشتراكي الذي وضعت الماركسية اللينينية أسس بناء ، عكس أقوال الإنتهازية التحريفية التي تروج للإنتقال السلمي للرأسمالية الإمبريالية إلى الإشتراكية من أجل طمس حقائق الإمبريالية الإستعمارية ، و ما الأزمة المالية الراهنة إلا جزء من أزمات الرأسمالية في أعلى مراحلها الإمبريالية التي يعتبر فيها الرأسمال المالي المحرك الأساسي للإقتصاد ، و أغلب أطوار هذه الأزمة التي نعيشها اليوم ما هي وسيلة أمام الإمبرياليين لتعطيل الثورة الإشتراكية العالمية لبسط سيطرتها على ثروات عبر العالم ، حيث لم تبق هناك بقعة لم يتم استعمارها عبر القروض المستخلصة من المال الذي حصدته الإمبريالية من عرق و دم البروليتاريا و الفلاحين ، بالدول العالمثالثية التي عرفت الإستعمار و شبه الإستعمار خلال القرن 20 و الذي تم تعميقه بعد سقوط التجربة الإشتراكية بالإتحاد السوفييتي شرق أوربا ، لتكتمل السيطرة الإمبريالية على جميع بقاع العالم و تشتعل نار المنافسة على تقسيم أسواق العالم و سرقة أموال الشركات و البنود التي تم حصدها عبر المضاربات و الإحتكارات.
 امال الحسين